نعم، الكلام في أن الثمن هل يكون منفعة أم لا؟ ظاهر إطلاق الأصحاب العوض في البيع وعموم أدلته جواز كون المنفعة ثمنا، ولم نقف على من منع منه صريحا.
نعم، نسب المنع الشيخ الأكبر (الشيخ جعفر الغروي) في شرح القواعد إلى بعض الأعيان (1) - وكأنه من معاصريه - ونحن لم نقف على منع لفقهائنا (2) في ذ لك، فكل عين لها مالية قابل لأن يكون مبيعا، إلا ما أخرجه الدليل بحسب طريان أوصاف مانعة، وسيتضح الموانع والمبطلات في بحثها إن شاء الله تعالى.
وكذا كل عين مالي أو منفعة مقصودة لها مالية يقبل أن يكون ثمنا، إلا إذا منع عنه مانع.
ولا بحث أيضا في أن الوجود بالفعل غير معتبر، بل كما تتحقق المعاوضة بالموجود كذلك تتحقق بالمعدوم، وهو الكلي الثابت في الذمة باعتبار وجود أفراده (3) بحيث يمكن تحصيله (4) في ضمن الأفراد.
نعم، هنا كلام معروف جار في البيع وسائر عقود المعاوضة في الأعيان والمنافع، وهو: أن الملكية عرض من الأعراض المعروفة، ولا ريب أن العرض لا يتحقق إلا بمحل موجود فكيف يعقل تعلق الملك بالمنفعة المعدومة أو بالعين المعدومة؟ ولا ريب أن عقود التمليكات كلها موضوعة لحصول الملك، وهو لا يتحقق إلا مع وجود موضوع، فيكون مقتضى القاعدة اشتراط كل ما يكون فيه تمليك من العقود بوجود المتعلق، ويكون ما عداه خارجا بالدليل، وهذا أصل ينفع في أكثر الموارد، فلا يجوز أن يكون العوض ولا المعوض كليا، ولا فردا مرددا، ولا شيئا معينا معدوما، وما ورد في الشرع من هذا الباب فقد أخرجه الدليل.
ويبقى البحث في أن الملك إذا امتنع تعلقه بمعدوم، فكيف يجوزه الشارع؟