اللقيط مع عدم إمكان إلحاقه بدار الالتقاط، أو في غير ذلك، أو مع إمكان الاستعلام ولكن قبل العلم - فهل الأصل أن يكون كافرا، أو الأصل أن يكون مسلما، أو لا أصل في أحد الطرفين فيتوقف إلى أن يعلم؟ وجوه لكل منها وجه وجيه.
أما أصالة الكفر: فالوجه فيه (1) أن الإسلام أمر وجودي وهو الإقرار واعتقاد الأصول والضروريات، وبينه وبين الكفر تقابل العدم والملكة، فالكفر عبارة عن عدم ذلك عما من شأنه ذلك، فإذا شك في ثبوت أحدهما فلا ريب أن الحادث الوجودي منفي بالأصل، وليس بعد ذلك إلا الكفر، إذ لا واسطة بين الكفر والإسلام.
وهذا هو الذي يظهر من طريقة أصحابنا الإمامية، كما يظهر من تتبع كلماتهم في باب الجهاد واللقطة والميراث وفي باب الحدود والارتداد، فإن ظاهرهم في المشكوك فيه الكفر إلا بما يدل على إسلامه من إحدى الطرق الأربعة المعروفة:
من الإقرار بالاستقلال، وتبعية السابي، وتبعية الأبوين بكونهما مسلمين عند انعقاده أو إسلامهما بعده، وتبعية الدار كما في اللقيط ونحوه، وبالجملة: لا تبقى للمتتبع في كلامهم شبهة في أن الأصل الكفر حتى يثبت الإسلام.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: فماذا بعد الحق إلا الضلال (2) ولو كان ما عدا الإسلام أعم من كونه كفرا لم يكن ضلالا بقول مطلق.
وأما أصالة الإسلام: فلم يعلم من الأصحاب البناء عليها، بل نسب إلى معاشر الإمامية البناء على أصالة الكفر (3) والذي يمكن أن يكون مستندا لها (4) أمور:
أحدها: قوله تعالى: فطرت الله التي فطر الناس عليها (5) مع ما في تفسيره من: أنها فطرة الدين والإسلام والإيمان (6) فيكون مقتضاه: أن كل فرد من الناس فطرته فطرة إسلام ومن كفر فقد غير فطرته.
وثانيها: قوله تعالى: فليغيرن خلق الله (7) في ذم الكفار، فإن ظاهره أن