تتحقق من الكافر، وهذا في الكافر الجاحد للربوبية مطلقا واضح. وأما الكافر المقر بالله تعالى المنكر لصفة أو ضروري أو للنبوة فيعقل فيه القربة، بمعنى قصدها (1)، وإن لم يحصل له الثواب، فلا يمشي (2) فيه هذا التعليل.
ويمكن أن يقال: إن نية القربة لا تتحقق إلا باعتقاد كون هذه العبادة مأمورا بها من الله جزما، والكافر غير معتقد بالنبوة حتى يعتقد كون ذلك مأمورا به (3)، فلا يعقل قصد القربة منه. ونحو ذلك سائر أصناف الكفر، فإن مآلها إلى عدم الوثوق والاعتقاد بالشرع، وهو مانع من قصد التقرب، وقصد التقرب على فرض حقية الإسلام يؤول إلى الترديد المانع من صحة العبادة، وعلى كل حال فيدل على شرطية الإسلام.
مضافا إلى ما ذكر طائفة من الآيات كقوله تعالى: إنما يتقبل الله من المتقين (4) وأول التقوى الإسلام، وكل ما هو ليس بمقبول ليس بصحيح.
وما يتخيل: أن القبول غير الصحة، فهو من البطلان بمكان، لأن الصحة عبارة عن موافقة الأمر، وكيف يعقل موافقته للأمر من دون ثواب؟ فإن الثواب لازم عقلا لذلك لا يمكن تخلفه في الحكمة.
وقوله تعالى: وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله (5) وغير ذلك من الآيات.
مضافا إلى دلالة الآيات الكثيرة على كون الكفار معذبين بالنار خالدين فيها، ولو كانت عباداتهم صحيحة لزم وصول الأجر إليهم في الآخرة، وهو منفي في حقهم بالآيات المذكورة.
مع ما في الأخبار الكثيرة من الدلالة على بطلان عبادات المخالف، فضلا عن الكافر، كما ورد من أنه: لا طاعة إلا بولاية ولي الله ودلالته إليه، وغير ذلك (6)