ورابعها: أنها تخرج عن ملك المالك ويملكها الضامن، ويجب عليه دفع المثل أو القيمة دون المستحال إليه، فيكون هذا بمنزلة التلف.
وخامسها: وجوب دفع المثل أو القيمة، لكون ذلك تلفا، ولزوم دفع المستحال إليه أيضا لبقاء حق اختصاص للمالك به.
وفي كل من الوجوه والحجج نظر ظاهر لا نطيل الكلام بذكره: والغرض التنبيه، وفي التحقيق طول.
وثالثها (1): أن الامتزاج في كلامهم موجب للشركة إذا لم يمكن التمييز ولم يكن المزج بالأردأ. والظاهر في مزج الجنسين المختلفين الرجوع إلى المثل أو القيمة حتى في مثل العسل والدبس وإن كان المغصوب الدبس. وإن كان الاختلاط صوريا مع التعين في الواحد (2) والامتياز - كاشتباه الدراهم والطاقات والأواني - فالظاهر القرعة، فتدبر.
ورابعها: أن التأدية إنما تحصل بنقل المال من حالته المضمونة إلى حالة أخرى ليس فيها ضمان، وهو إما بنقل المال عينا أو مثلا أو قيمة إلى المالك، أو إلى وكيله، أو إلى وليه العام أو الخاص. وإما بإبراء المالك ومن له الإبراء الضامن عما في ذمته. وإما بأداء متبرع أو وكيله عنه. وإما بإتلاف المالك عين المال على نحو لو كان لغيره لكان عليه ضمان، لا بالغرور - كما لو أطعمه الغاصب إياه من دون علمه بأنه ماله - فإنه لا يرفع الضمان، لا لما علله الشهيد الثاني رحمه الله بأنه ليس تسليما تاما لضعفه بالغرور (3) بل هو تام، ولكن الغرور سبب آخر للضمان فكيف يكون مسقطا؟ فتدبر. وبعبارة أخرى: اتلاف المالك لعين المال وصول إليه ما لم يكن مغرورا من الضامن، ولو كان مغرورا من غير الضامن لكفى أيضا في براءة ذمة الضامن وإن اشتغل ذمة الغار. وكذا استيلاء المالك على المال بقوة بدون رضاء الضامن أو دفعه، فإنه رافع للضمان.
والوجه في ذلك كله: أما في تأدية الضامن إلى المالك، فهو داخل في مدلول