الأمر بالأمر هنا، بمعنى إرادة التمرين لا الأمر، فيصير الحاصل: أن هناك ثواب تمرن، لا ثواب أصل العمل.
وحيث رجعت المسألة إلى دلالة حديث (رفع القلم) فالأنصاف: أنه إما الظاهر منه رفع المؤاخذة فلا يدل على ارتفاع الأحكام مطلقا، وإما أنه منصرف إليه بحيث يشك في إرادة ارتفاع سائر الأحكام، فيبقى عموم ما دل على الأجر والجزاء سليما عن المعارض وما ذكرناه من الوجوه الأخر مؤيدا له.
وهنا احتمال رابع لم أجد من قال به، وهو: أن أعمال الصبي شرعية فيها ثواب أصل العمل، ولكنه عائد إلى الولي دون الطفل. ويمكن الاستناد في ذلك إلى أمرين:
الأول: أن الطفل من جهة عدم كمال عقله إنما يكون المحرك والداعي له إلى العمل تمرين الولي، وحيث إن المباشر ضعيف فيكون السبب هو العمدة ويكون العلة الأقوى الولي، ويكون الطفل كالآلة، نظير ما ذكروه في الجنايات، ونذكره في المعاملات من جواز كون الطفل كالآلة وإن كان عاقلا قاصدا مختارا لكنه لضعفه كالآلة، وإذا كان كذلك فالفعل يسند إلى الولي، فله جزاؤه: إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
والثاني: ما ورد في الخبر - في باب الحج - في حج الولي بالطفل المميز، فإنه قال: (إن الولي إذا فعل ذلك وتمم الأعمال كان له أجر حجة) (1) والظاهر منه: أن الولي كأنه فعل حجا وهذا الفعل في الحقيقة فعله، فيكون للولي في كل مقام يأتي به الصبي بعمل ثواب ذلك العمل.
ولكن قضية العقل وظواهر الكتاب والسنة كون جزاء كل عمل لمن باشره وفعله، فإن كان لمباشرة الطفل ثواب فيستحيل كونه لشخص آخر - إلا في النيابة ونحوها في وجه - وإن لم يكن ثواب رجع إل التمرين، وذلك الثواب الحاصل للولي ليس ثواب فعل الصبي، بل إنما هو ثواب كونه داعيا إلى هذا العمل وممرا