أيضا من وجه (1) وإن كان الغار أيضا ضامنا، كما لا يخفى على من لاحظ الفروع المندرجة تحت هذا العنوان.
والوجه في ضمان الغار أمور:
الأول: ما يظهر من كلمة الأصحاب: أن الغار سبب في الإتلاف، والمغرور مباشر ضعيف، والمباشر متى ما ضعف يصير الضمان على السبب. ولكن هذا الوجه محل نظر من وجهين:
أحدهما: أن هذا لو تم لزم عدم تحقق الضمان على المغرور أصلا، لعدم كونه متلفا ومتصرفا في الحقيقة - كما ذكروه في بحث الإكراه، وقد أشرنا إليه سابقا - مع أنهم يقولون: إن المغرور يضمن ويرجع بما اغترمه على الغار، وهذا ينافي ضعف المباشرية. وبعبارة أخرى: لو كان السبب هو الإتلاف فسبب الضمان هنا شئ واحد، فإن كان على الغار فلا وجه لضمان المغرور، وإن كان على المغرور فلا وجه للرجوع على الغار، وإن كانا مشتركين فلابد من التبعيض كما نشير إليه في صورة التركب، فتعدد الضمان مع وحدة السبب لا وجه له.
وثانيهما: أن ضعف المباشر الموجب لضمان السبب إنما هو فيما إذا كان المباشر كالآلة - كالصبي الغير المميز، والمجنون، والحيوان، والمكره (بالفتح) الخالي عن الاختيار، ونحو ذلك - حتى يصدق الإتلاف على السبب، والمغرور بالغ عاقل شاعر مختار قاصد، فكيف يعقل جعله كالآلة؟ فلابد من إثبات سبب آخر غير الإتلاف يوجب ضمان الغار.
الثاني: ما تقدم ذكره من (قاعدة الضرر والضرار) فإنهما منفيان في الشرع، ولا ريب أن الغار بغروره قد أضر المغرور، وقد دل الشرع على عدم الأضرار، وقد أسسنا سابقا: أن ظاهر نفي الضرر: أن من أوجب الضرر فهو ضامن له لابد أن يرفع الضرر، كما دل عليه الخبر (من أضر بطريق المسلمين فهو ضامن) (2)، ولا يكون