لا نقل فيه؟
يحتمل أن يقال: إن لفظ (المدعي) قد صار عندهم حقيقة شرعية في هذا المعنى الخاص، بمعنى كونه جامعا للقيود الأربعة المذكورة مع ما يجئ من اعتبار مخالفة الأصل أو الظاهر، أو كونه أمرا خفيا، أو كونه يخلى وسكوته مع ذلك أيضا.
وهذه الحقيقة قد ثبتت من استقراء الموارد الخاصة الواردة في الروايات، حيث بين في الشرع حكمها بتوجه البينة واليمين، فعرفوا من ذلك: أن المراد بالمدعي هو ذلك.
ويحتمل كون ذلك حقيقة عند المتشرعة مع استعمال الشارع مجازا.
ويحتمل بقاؤه على المعنى اللغوي والعرفي، لأصالة عدم النقل. والمعنى العرفي محتمل لما هو جامع لهذه القيود المذكورة فالمعنى الشرعي إنما هو على طبق العرف ولا يحتاج في إثبات ذلك كله إلى دليل خاص، ومحتمل لما هو أعم من ذلك لكنه ينصرف إلى ذلك انصراف إطلاق، ومحتمل للأعم مطلقا وإنما يثبت إرادة هذه القيود من دليل خارج من نص أو فتوى.
والذي يقتضيه النظر الصحيح: أن لفظ (المدعي) كلفظ (المنكر) باق على معناه اللغوي [والعرفي] (1) وليس له حقيقة شرعية ولا متشرعية، لأصالة عدم النقل، وعدم ظهور الوضع الجديد من كلمة الأصحاب، ولا من النص، مع بعد النقل في مثله مع ندرة استعماله، وإنما هذه القيود استفيدت من معناه العرفي حقيقة أو إطلاقا، أو من دليل خارج، والبحث هنا يقع في أمرين:
أحدهما: بالنسبة إلى القيود الأربعة.
فنقول: لا ريب في أن الدعوى والإنكار لا يتحققان (2) إلا بنفي وإثبات واردين على شئ واحد، فلو نفى كل منهما أو أثبته كل منهما فلا نزاع، ولو نفى أحدهما شيئا وأثبت الاخر شيئا آخر فلا بحث أيضا، إلا إذا رجع بالتلازم إلى شئ واحد هو محل النزاع، وكذا لو أثبت كل منهما شيئا آخر، أو نفى كل منهما