ونحو ذلك في كفاية المعاطاة عقد الرهن، فإنه يجئ فيه الكلام السابق في العقود المجانية حرفا بحرف.
المقام الثالث في كون الفعل سببا في عقود المعاوضة وفيه بحثان:
أحدهما: بالنسبة إلى النكاح الدائم والمنقطع. والحق فيهما عدم كون المعاطاة كافية لوجوه:
أحدها: إجماع الأصحاب خلفا وسلفا على اشتراط الصيغة الخاصة فيه إيجابا وقبولا، ولم يعهد في ذلك عنهم مخالف، كما لا يخفى.
وثانيها: جريان طريقة المسلمين على اعتبار العقد بحيث تعرف النساء والصبيان ذلك، فهذا في الحقيقة ضروري لا يحتاج إلى الاستدلال، بل كان هذا كذلك قبل شرعنا، فإنهم كانوا لا يتناكحون إلا بعقد صريح، كما هو الظاهر عند أرباب الأديان كافة.
وثالثها: لزوم الهرج والمرج لو بني أمر النكاح على مجرد التراضي والتعاطي، نظرا إلى أن النكاح أمر مقصود للنسل والنسب، ومطلوب لاستقرار أمر المعاش والمعاد به (1) وذلك يناسب إناطته (2) بأمر ظاهر لازم.
ورابعها: أن المعاطاة - سواء قلنا بأنها إباحة أو تمليك - سيقرر في محله أنه جائز يمكن فيه التفاسخ، والنكاح لا فسخ فيه إلا بأحد أسباب خاصة إجماعا.
وخامسها: أصالة التحريم في الفروج، ولا ينتقل عنه بالإباحة إلا بدليل، والوجه في المعاطاة إما جريان السيرة عليه وهو (3) في المقام غير محقق بل المعلوم خلافه، وإما دخوله في إطلاقات النكاح، ولا ريب أن الفقهاء اتفقوا على