متعارف شائع، كما يكشف عنه العرف اليوم، ويدل عليه ملاحظة السير والتواريخ، فإنها تشتمل على وقوع الصلح في الأزمنة السابقة على الحقوق المذكورة. وأما ما هو غير قابل للإسقاط فليس الصلح عليه متعارفا جزما، بل ما شك في إمكان إسقاطه وعدمه فلا يشمله الأدلة، ولا يمكن التسري من جواز الصلح ومشروعيته في الأفراد الشائعة إلى غيرها، لوجود القدر المتيقن (1).
نعم، يبقى الكلام (2) في أن كل ما شك في أنه قابل للإسقاط بالأبراء ونحوه، هل الأصل أن يكون قابلا للإسقاط أم لا؟ والذي يقتضيه النظر أن الأصل عدم السقوط، لأصالة البقاء ما لم يدل دليل على السقوط. نعم، يمكن تحصيل الإجماع على أن الناس مسلطون على حقوقهم في الإسقاط، والتمسك بعموم ما دل على التجاوز والعفو، وهو مقام آخر.
وبالجملة: الاقتصار في الصلح على ما يقبل الإسقاط أشبه وإن كان التعميم لا يخلو من وجه معتمد، ومن ذلك الباب: الصلح على اليمين في المنازعات لإسقاط أو دفع أو أخذ بصورها المتشعبة كما تداوله بعض المتفقهة، والله العالم.
قاعدة:
قد عرفت أن مورد الإجارة إنما هو المنافع ولا تعلق لها بالأعيان، فلا ينبغي للمستأجر أن يتصرف في عين المال المستأجر في شئ، ولا ينبغي أن يتلف عين في الإجارة بذلك، وقد وقع الإشكال في موارد:
منها: الاستئجار للرضاع، فإن المرأة المستأجرة للرضاع لا ريب أنه يتلف بذلك اللبن منها، بل هو المقصود بالإجارة، وهذا مخالف لما هو وضع الإجارة من تعلق الغرض فيها بالمنافع دون الأعيان.
ومنها: الاستحمام في الحمام، فإنه يتلف فيه الماء كثيرا، بل العمدة في ذلك هو الماء، فكيف يكون ذلك من باب الإجارة؟