مختص بالواقعة، وليس خلافهم في هذه الصور والفروض لدليل دلهم على الحكم كما في سائر المسائل الخلافية، بل إنما البحث في صدق الإتلاف وعدمه، ولذلك يطلقه بعضهم ويقيده الاخر وبالعكس.
وإذا عرفت أن المدار على ذلك، فلنذكر أمثلة لتوضيح الباب مما ذكروه في بحث الأموال، وفي بحث النفوس، فنقول:
لو دفع غيره في بئر حفرها ثالث، فالضمان على الدافع في كلامهم. والوجه صدق أنه متلف دون الأول.
وإذا أزال وكاء ظرف فسال ما فيه بحيث كان يسيل بمجرد الدفع ضمن، أو حركه على نحو يقع به فكذلك.
ولو فتح رأس زق فتقاطر ما فيه حتى وقع أو ذاب بالشمس فسال ففي كلام بعضهم: فيه إشكال (1) والمنشأ الشك في صدق الإتلاف، وكذا في صورة ما إذا سقط بأمر عارض - كهبوب ريح أو زلزلة، أو نحو ذلك - بعد الفتح فإنه يشك في صدق الإتلاف في المسألة.
ولو ألقى صبيا أو حيوانا عاجزا في مسبعة، فقتله السبع ضمن.
ولو غصب شاة فمات ولدها جوعا، أو حبس المالك عن ضبط الدابة أو الماشية أو نحو ذلك فاتفق تلف المال، قال بعضهم: لا يضمن (2) نظرا إلى ظاهر الفرض من عدم استناد الإتلاف إليه. وقيده بعضهم بما إذا لم يكن التلف من هذه الجهة بحيث يسند إلى فعله (3).
وأنت بعد التأمل في هذه المسائل التي أوردوها تتنبه على أن المدار على الصدق العرفي، فلا نطيل الكلام بذكر الأمثلة. ولا خصوصية للمباشرة ولا للتسبيب.
وهذا هو السر في جعلهم الضمان على المكره - بالكسر - نظرا إلى أن المباشر هنا ضعف بالإكراه فصار يستند الفعل والإتلاف إلى المكره - بالكسر - ففي الحقيقة هو الذي أتلفه، فليس هذا مخالفا للقاعدة، بل لا وجه لجعلهم المباشر