فإن قلت: ليس هذا شكا في الشرطية والمانعية بل شك في اقتضاء المقتضي، بمعنى أنه بعد عدم التأثير في بعض الأجزاء نشك في أن هذا العقد مؤثر في الانتقال أم لا والأصل عدمه.
قلت: لا ريب في أن هذا العقد داخل في عموم أوفوا بالعقود والوفاء به إمضاء المقتضيات كافة، فإذا جاء مانع من بعض المقتضيات فلا يوجب الشك في الاخر، لشمول العموم من دون معارض، فلا تذهل.
وهنا إشكال، وهو: أنه لو انحل العقد إلى عقود يصير في المعاوضات معناه معاوضة كل جزء بنسبته من العوض الآخر، وهذا يستلزم جهالة المعوض والعوض، مع أن أغلب المعاوضات قد اعتبر فيها العلم في أعيان كانت أو منافع، فهذه القاعدة ينافيها اشتراط العلم.
نعم، هذا في الإيقاعات - كالعتق والطلاق ونحوه - وفي العقود التي لا معاوضة فيها - كالهبة الخالية عنه والوقف والوصية ونظائر ذلك - غير وارد، لتعلق القصد هناك بالمجموع، وعدم صحة البعض غير مانع من الاخر، وليس هذا كمسألة عتق عبد من عبدين أو طلاق امرأة من امرأتين، لعدم القصد هناك بالمعين أصلا، لكن في عتق العبدين تعلق بكل واحد بعينه، وبطلان أحدهما لا يحدث جهالة في الاخر، وذلك واضح، ولكن في المعاوضات - كالبيع والإجارة - وما في حكمها - كالرهن ونحوه - إذا ظهر بطلان العقد في البعض ترجع المعاوضة إلى البقية من الطرفين بعد ملاحظة النسبة، وذلك لم يكن معلوما عند المعاوضة.
والجواب: بأن الانحلال إذا صح في البعض صح في الباقي، لما أشرنا إليه من عدم الفارق.
وثانيا: بأن مثل هذه الجهالة غير مانعة في البيع الذي هو أدق المعاوضات، فضلا عن غيره، لجواز المعاوضة على الأجزاء المشاعة ثمنا ومثمنا بعد معلومية المجموع.