ظن شاهد الحال أيضا كاف في إباحة التصرف (1) ولكن جماعة منهم نصوا على اعتبار القطع (2) وهو الأوفق بالأصل.
وأما ما لم يصادف الواقع (3) فإن كان قطعا بالرضا فلا ريب أن صاحبه معذور لا عقاب عليه، لامتناع التكليف بما لا يطاق. وإن كان ظنا قام الدليل على حجيته - كظن اللفظ والإشارة في قول - فهو كالقطع. وأما ظن شاهد الحال فإذا لم يكن معتبرا مع مصادفة الواقع فحيث لم يصادف الواقع فبالأولوية، فتدبر.
ومن ذلك كله ظهر: أن المدار في ارتفاع التحريم الدليل المعتبر الدال على طيب النفس، سواء صادف الواقع أم لا.
وأما لو كان هناك لفظ، أو إشارة ونحوها (4) دالان بحسب الوضع على الرخصة والرضا مع القطع بأنه غير راض في قلبه، فإن كان هذا عن إكراه - بمعنى:
أنه علم أن كلامه هذا ناش عن إكراه بذلك - فلا يجوز التصرف قطعا، لعدم تحقق طيب النفس، وعدم صدق الأذن على ذلك أيضا. وإن كان عن حياء ونحو ذلك - كما هو الغالب الوقوع بين الناس - فالحق أن ذلك إذن ورضاء، والقطع بأن ذلك لحياء - بحيث لو خلي وطبعه ما رضي - غير مضر، لأن دليل الرضا أعم من كون الرضا للناس أو للرياء أو للحياء أو لله تبارك وتعالى أو لقصد جلب نفع أو نحو ذلك. نعم، صورة الأذن الصوري مع القطع بعدم الرضا وكونه مكرها لا يجوز فيها التصرف، فتدبر.
المقام الثاني: في الحكم الوضعي - وهو رفع الضمان - فنقول: أما الأذن اللاحق للتصرف، فقد يكون صريحا في الإبراء، بمعنى: أنه يقول: (أذنت لك فيما فعلت من التصرف، وتجاوزت عنك) ونحو ذلك. وقد يكون إذنا أعم من الإبراء