والذي يفيد هذه الفائدة المستفادة من الآية قولك: ليس على فرد من أفراد المحسنين سبيل حتى يتحقق العموم في (السبيل) وفي (المحسن) لا قولك: ليس على كل محسن سبيل.
وبالجملة: لا بحث في كون الظاهر من الآية عموم السلب، ولو فرض عدم دلالته على الكلية لأمكن تتميم الاستدلال أيضا بأن تعليق الحكم على وصف الإحسان يشعر بأنه العلة في ذلك، بل الظاهر أنه العلة في المقام، فيطرد الحكم في كل محسن على ما نراه من حجية العلة المستنبطة من كلام الشارع وإن لم يكن بالتصريح (1) وإن خالف فيه بعضهم، مضافا إلى أن عدم وجود فرد معهود في البين وعدم الفائدة في ترتيب الحكم على فرد غير معلوم يعين الحكم على جميع الأفراد، أو على الطبيعة السارية فيها، وعلى التقديرين فهو مثبت للمطلوب.
مع أن هذه الآية الكريمة قد سيقت مساق حكم العقل، فإنه قاض بعدم السبيل على المحسن، وقد أشار إلى هذا المعنى قوله تعالى: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان (2) فإن ظاهره امتناع السبيل على ضرر المحسن، بل ينبغي أن يكون جزاء عمله الإحسان إليه، فلا يكون قابلا للاختصاص بفرد، دون آخر. فإذا دلت الآية على نفي السبيل عليه عموما، فدل (3) على عدم الضمان والغرامة عليه، لأنه في قوة الكبرى الكلية، بأن نقول: ثبوت الضمان على المحسن سبيل عليه، والسبيل عليه منفي في الشرع كلية، فينتج: أن الضمان منفي عن (4) المحسن.
ولا يمكن أن يقال: لعل المراد: سبيل الآخرة لا الدنيا، أو سبيل الاحتجاج والإلزام.
لأنا نقول: ظاهر الآية عام لا وجه لتخصيصه، مع أن فتح باب الضمان فتح لباب الإلزام والاحتجاج جزما، والآية نافية للجميع.