في البيع قبض المبيع وفي الإجارة قبض العين المستأجرة ونحو ذلك؟ وجوه ثلاثة:
مقتضى الأصل وظاهر لفظ (المعاطاة) اعتبار الجانبين، ويؤيده تفسير الأصحاب لها بأنها: اعطاء كل من المتعاملين ما في يده عوضا عما في الاخر.
وحيث إن العمدة في إثبات شرعية هذه المعاملة هو السيرة، ولا ريب في جريانها في صورة قبض المعوض فقط أيضا، إذ حصول النسيئة في المعاطاة أيضا مما لا يخفى انتشاره بين الناس، فلا مناص عن القول بأنه أيضا كقبض الجانبين، إذ لا يمكن الحكم بفساد ذلك كله وعدم ترتب الأحكام عليه، فتدبر.
نعم، يبقى الإشكال في صورة قبض العوض خاصة، والظاهر عدم كونه من باب المعاطاة، والعادة غير جارية بصدق اسم المعاملة عليه، بل الظاهر حينئذ بقاء العوض في يد البائع - مثلا - أمانة أو قرضا حتى تقع المعاملة بعد ذلك، ولا يضر ما ذكرناه سابقا من عدم كفاية القبض المستدام، لأن إسقاط ذلك إنما هو لو فرض في الجانبين، أما في جانب العوض فلا مانع منه، ويكفي حصول قبض المعوض مطلقا، مع احتمال القول بأن قبض العوض أيضا مع قصد المعاوضة كاف في المعاطاة، ويكون ذلك نظير السلف، لكنه خلاف الغالب والمعتاد بلا ريب.
المقام السابع في أن المعاطاة هل هي ملحقة في كل باب بالعقد الذي هو أصل لها؟
فيكون في مقام البيع بيعا وفي مقام الإجارة إجارة وفي مقام الصلح صلحا وفي مقام الهبة هبة ونحو ذلك، أو هي معاملة مستقلة؟
مقتضى حصر الأصحاب أبواب المعاملات في الأمور المخصوصة وعدم ذكرهم للمعاطاة عنوانا آخر دخولها فيها، كما أن صدق لفظ (البيع) و (الإجارة) ونحو ذلك من ألفاظ المعاملات أيضا يقتضي كون المعاطاة داخلة فيها.
وما يقال: إن الفقهاء فسروا البيع ونحوه وصرحوا بأن المعاطاة ليست منه،