تلف نفسه وإن تلف غيره بذلك، وقد تقدم بعض الكلام في ضمان المكره، فراجع (1).
وقد اتفق الكلام في رفع هذا الإشكال مع شيخنا المحقق (الشيخ محمد حسن) أيده الله تعالى (2) فأجاب بعد كلام طويل (بأن الظاهر أن الفعل يسند إلى المكره - بالفتح - في كل مقام إلا في صورة سلب القصد، وباب الدم على القاعدة حينئذ. ولكن نجيب عن سائر المقامات بأن قوله صلى الله عليه وآله: (رفع ما استكرهوا عليه) يدل على رفع المؤاخذة والضمان أيضا، فيقدم على أدلة الضمان، فيكون باب الدماء خارجا بدليل خاص على عدم التقية فيه.
وأوردت عليه بأن في الخطأ والنسيان أيضا يلزم عدم الضمان، فأجاب بأن دليل الضمان نرجحه فيهما بالإجماع والشهرة، وتقدم العكس في الإكراه للشهرة.
هذا غاية مراده، أيده الله تعالى.
ولكن أوردت عليه أولا: بأن الظاهر من رفع (ما استكرهوا عليه) رفع المؤاخذة، فلا يدل على رفع الضمان، كما أن قوله: (لا تقية في الدم) (3) معناه:
إثبات الإثم، ولا دلالة فيه على الضمان، ولو سلم فسياق الخبر وذكر الخطأ ينافر (4) ذلك، والتفكيك في غاية البعد، مع أن ظاهر الأصحاب عدم استنادهم في رفع ضمان المكره إلى الرواية، فالإشكال غير منحل عند الأنصاف.
وأما في الأسباب الفعلية للملك - كالاحتطاب والاحتشاش والاصطياد والمعاطاة ونحو ذلك - فهل يشترط الاختيار فلا يكون المكره مالكا حينئذ بذلك مطلقا، أو لا يشترط بل يكون مالكا به مطلقا، أو يبقى مراعى فإن رضي بعد ذلك بما فعله ملكه وإلا فلا يملكه؟ وعلى هذا التقدير فيمكن كونه بطريق الكشف بمعنى كون الرضا كاشفا عن تملكه بالحيازة، أو بطريق النقل فيملك من حين الرضا.
وعلى فرض عدم الملك أصلا أو إلى زمان حصول الرضا - كما هو قضية