وقوع مقبول، فالمانع حينئذ يصير عقليا.
لا يقال: أي مانع من إنشاء قبول ما يقع بعده؟ سواء كان بلفظ القبول أو بغيره، فيقصد المتكلم كونه راضيا وملتزما بما سيقع من مضمون الإيجاب.
لأنا نقول: إن أراد من ذلك إنشاء الالتزام والرضا فهو أيضا إيجاب وإحداث لشئ، وهو خارج عن حقيقة القبول. وإن أريد به حقيقة القبول فلا يتحقق إلا بعد المقبول - والفرض: أن الإنشاء لا يتخلف عن المنشأ - فتقدم القبول بهذا المعنى:
إما مستلزم لخروجه عن القبولية بل هو إنشاء لأذن (1) وهو خارج عما نحن فيه، وإما لتخلف وجود القبول عن وجود المقبول، وإما لتخلف الإنشاء عن المنشأ، وكل ذلك باطل، وسيأتي تحقيق ذلك في باب التعليق في العقود إن شاء الله تعالى.
وبالجملة فحقيقة القبول مع كونه قبولا (2) يمتنع تقدمه على المقبول، ولذلك نص الشهيد الثاني في جواز تقدم القبول على الإيجاب في مقامات عديدة: أن هذا القبول حينئذ يكون في معنى الإيجاب (3).
فانحصر النزاع فيما هو بصورة القبول في العقد، سواء كان عده قبولا من جهة كون لفظه كذلك - كلفظ (ابتعت) ونحوه - أو كونه من الطرف الغير المقصود في العقود، فلفظ (اشتريت) (4) من المشتري قبول، ومن البائع إيجاب، لأنه العمدة، ونحو ذلك غيره.
ولا ريب حينئذ في جواز تقدمه، لأنه يصير كالإيجاب، بل هو إيجاب حقيقة وإن كان لفظه فيه معنى القبول، لأن كلا من المتعاقدين متساويان في إحداث الأثر، فكل من بدأ بالأحداث قاصدا ذلك صح، سواء سميته (5) قبولا أو إيجابا لأن القبول بهذا المعنى إيجاب، وعموم أدلة العقود يشمله.،