واحتج أحمد (1) بما رواه أبو داود، عن النبي صلى الله عليه وآله بإسناده، قال:
(الأرض كلها مسجد إلا الحمام، والمقبرة) (2).
والجواب عن الأول: إن المراد الكراهية. على أن سنده ضعيف.
وعن الثاني بعد تسليم النقل: إنه يحتمل الاستثناء الكراهية، ويجوز استثناء مثلها من الجائز لزيادتها في المعنى عليه.
فروع:
الأول: لو صلى في الحمام صحت صلاته وهو ظاهر على قولنا. قال أبو الصلاح: وفي صحة الصلاة (3) نظر، ووجهه أنه قد نهي عن الصلاة فيه، والنهي يدل على الفساد.
وجوابه: إنه إنما يدل على الفساد لو كان النهي نهي تحريم، أما نهي الكراهة فلا.
وهاهنا سؤال صعب، وهو أن يقال: إن الصلاة في مثل هذا المكان وإن كانت مكروهة لو أجزأت لزم اجتماع الضدين، أعني الكراهة والوجوب في الفعل الواحد كما قلنا في الصلاة في المكان المغصوب (4)، ولا يلتفت إلى من يعتذر بأن النهي في المكان المغصوب للتحريم، وهاهنا للكراهة، لأنه لا فرق بينهما في مضادة الوجوب.
بل الجواب أن نقول (5): قد وقع الاتفاق على صحة هذه الصلاة، فيجب صرف النهي إلى وصف منفك عنها، ككونه محلا للنجاسات والأوساخ غالبا، أو كونه مأوى