لا يقال: كيف؟ وقد قيل: بأن أكثر المحاورات مجازات. فإن ذلك لو سلم، فإنما هو لاجل تعدد المعاني المجازية بالنسبة إلى المعنى الحقيقي الواحد. نعم ربما يتفق ذلك بالنسبة إلى معنى مجازي، لكثرة الحاجة إلى التعبير عنه. لكن أين هذا مما إذا كان دائما كذلك؟ فافهم.
قلت: مضافا إلى أن مجرد الاستبعاد غير ضائر بالمراد، بعد مساعدة الوجوه المتقدمة عليه، إن ذلك إنما يلزم لو لم يكن استعماله فيما انقضى بلحاظ حال التلبس، مع أنه بمكان من الامكان، فيراد من (جاء الضارب أو الشارب) - وقد انقضى عنه الضرب والشرب - جاء الذي كان ضاربا وشاربا قبل مجيئه حال التلبس بالمبدأ، لا حينه بعد الانقضاء، كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال، وجعله معنونا بهذا العنوان فعلا بمجرد تلبسه قبل مجيئه، ضرورة أنه لو كان للأعم لصح استعماله بلحاظ كلا الحالين.
وبالجملة: كثرة الاستعمال في حال الانقضاء يمنع عن دعوى انسباق خصوص حال التلبس من الاطلاق، إذ مع عموم المعنى وقابلية كونه حقيقة في المورد - ولو بالانطباق - لا وجه لملاحظة حالة أخرى، كما لا يخفى، بخلاف ما إذا لم يكن له العموم، فإن استعماله - حينئذ - مجازا بلحاظ حال الانقضاء وإن كان ممكنا، إلا أنه لما كان بلحاظ حال التلبس على نحو
____________________
ثالثها المضادة بين الصفات المتقابلة على ما ارتكز لها من المعاني، مثلا التضاد بين القائم والقاعد إذا نسبا معا إلى شخص واحد في زمان واحد ضروري، فإنه لا يمكن صدق القائم عليه في حال قعوده بعد القيام وانقضائه، وهذا دليل على عدم كونه حقيقة في المنقضي عنه المبدء، ويمكن أخذ الوجه الأخير في مقدمات صحة السلب كما ذكره المصنف قدس سره.