ومسخ، وهدى وأرى وأذهب وسلط وهكذا، فهذا دليل واضح على الفرق.
وأيضا يصح أن يقال: إن الله بكل شئ عليم قدير، ولا يصح أن يقال: إن الله شاء مريد لكل شئ كما هو واضح.
فيقال: المشية والشئ بالمعنى المصدري فعل الله تعالى، وبالمعنى الاسم المصدري الحاصل من المصدر الكائنات المكونة بالمشية، فالأول سبب وعلة للثاني، فإطلاق اسم السبب على المسبب كإطلاق الخلق على المخلوق، وبالجملة تحقق الثاني لا يمكن إلا بالأول.
وبعبارة أخرى واقعية الأشياء وحقيقتها ليست إلا التحقق بالمشية، فمشئ الشئ ومنشئه هو الله تعالى بمشيته التي ليست إلا بكمال ذاته القدوس، ولا يؤثر فيه شئ، فمما ذكرنا ظهر معنى الحديث الشريف: خلق الله الأشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها، يعني خلق الله الأشياء - جمع الشئ بمعنى اسم المصدر - بالمشية والمشية بالمعنى المصدري، فعل الله محدثة ليست بقديم وهي مجعولة بنفسها ليس لتحققها مشية أخرى إذا لتسلسلت، فيكون مخلوقية المشية بنفس ذاته القدوس وبكمال ذاته الأعلى، لا مدخلية لتحققها أمر آخر غير الرب تعالى وتقدس.
وحيث أن العلم والقدرة على الواقعية واللاواقعية سواء ولا حد ولا تعين ولا حصر بنظام خاص، بل له العلم والقدرة على النظامات الغير المتناهية بالأطوار الغير المتناهية والتقديريات والقبائح، مثلا يعلم كيف يظلم إن أراد الظلم ويقدر عليه لكن لا يريد ظلما أبدا ولهذا يحمد، فلا يمكن تحقق نظام إلا بالرأي والمشية وهو المخصص لطرفي الفعل والترك، فلا بد من المشية فلو فرض كون المشية والإرادة من صفات الذات يلزم الشرك لأن المشية والإرادة لا تنفكان عن المشاء والمراد فيكون معه مرادا ومشاءا لم يزل كما نبه عليه الإمام الصادق (عليه السلام) فيما تقدم في " رود ".
فظهر بحمد الله تعالى أن المشية محدثة، كما قاله الإمام الصادق (عليه السلام) في الصحيح المروي في الكافي، والتوحيد، والمحاسن.