وذلك فاسد، مع أن القرآن دليل على ما ذكرناه وهو قوله تعالى: * (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) *.
فجمع الله تعالى هذه الخصال كلها، ثم شهد لمن كملت فيه بالصدق والتقى على الإطلاق، فكان مفهوم الآية الأولى وهذه الثانية أن اتبعوا الصادقين الذين باجتماع هذه الخصال المذكورة استحقوا بالإطلاق اسم الصادقين ولم نجد ولن يوجد أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) اجتمعت فيه هذه الخصال إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فوجب أن يكون هو الذي عناه سبحانه بالآية وأمر باتباعه والكون معه، ثم شرع في إثبات هذه الخصال بكمالها في أمير المؤمنين (عليه السلام) وإنما عبر عنه بلفظ الجمع تعظيما له وتشريفا، أو لجريان الحكم فيمن يليه من ذريته المعصومين. إنتهى كلام المفيد ملخصا، فراجع لتفصيله مع تمام ألفاظه في البحار (1).
قال المجلسي: التمسك بتلك الآية لإثبات الإمامة في المعصومين بين الشيعة معروف، وقد ذكره المحقق الطوسي في كتاب التجريد ووجه الاستدلال بها أن الله تعالى أمر كافة المؤمنين بالكون مع الصادقين، وظاهر أن ليس المراد به الكون معهم بأجسامهم بل المعنى لزوم طرائقهم ومتابعتهم في عقائدهم وأقوالهم وأفعالهم ومعلوم أن الله تعالى لا يأمر عموما بمتابعة من يعلم صدور الفسق والمعاصي عنه مع نهيه عنها، فلا بد أن يكونوا معصومين لا يخطئون في شئ حتى تجب متابعتهم في جميع الأمور، وأيضا أجمعت الأمة على أن خطاب القرآن عام