وعدمه، ولا يفترق الحال في القسمين بين كون ذلك بطريق إخبار أو إنشاء.
وكذلك الأذن السابق قد يكون مشتملا على نفي الضمان، وقد لا يكون مشتملا عليه. والأذن الغير المشتمل على نفي الضمان قد يكون إذنا مطلقا، وقد يكون إذنا مجملا.
إذا عرفت هذا، فاعلم: أنا قد ذكرنا في بحث الاستئمان أن الأذن بنفسه لا يرفع الضمان، نظرا إلى أن ماهيته الرخصة في التصرف وهي أعم من كونه مع ضمان أو بدونه، وأنت إذا تتبعت الموارد تجد أن الأذن كثيرا ما قد يتحقق مع وجود الضمان، كما في المقبوض بالسوم، والمقبوض بالعقد الفاسد، والتالف قبل القبض في المعاوضات، والمال المغصوب المأذون في بقائه، ومجهول المالك إذا تصدق به، والمال المأكول في المخمصة، والمال التالف في يد الصانع والطبيب والمكاري والملاح والأجير، ونحو ذلك، وكذا المال الذي يبذله الزوج قبل النكاح لزوجته ويعطيه لأبيها وأمها، وغير ذلك من اللباس والمطعوم والنقد إذا تلف، فإنه مقبوض بإذن الزوج لرجاء تمامية النكاح، ويسمونه العجم (1) (شير بها) والترك يسمونه (باشلوق) فإنه مضمون على قابضه مع تحقق الأذن، فدعوى: أن الأذن بقول مطلق مسقط للضمان ساقطة.
فنقول: الأذن إذا كان مقيدا بعدم الضمان فلا بحث في كونه مسقطا للضمان، لمكان التصريح بالعدم، وهذا مورد الإجماع والمتيقن من الأدلة، وكلامنا الان من جهة التصريح بعدم الضمان، وليس الكلام في الجهة التي حصل الأذن منها من لفظ أو إشارة، فإنه مقام آخر يأتي البحث فيه.
ولا فرق بين الأذن اللاحق والسابق في ذلك، أما اللاحق فإنه في الحقيقة يكون إبراء، لأنه لا ينحصر في لفظ، بل يقع بكل ما دل على إسقاط الحق. وأما السابق ففيه إشكال قد يتخيل: وهو أنه قد تقرر عندهم: أن إسقاط ما لم يجب لا ينفع كما أن ضمان ما لم