الوجوب، وكلاهما أولى بالسقوط من حق المخلوق الثابت في الذمة.
مضافا إلى أن رواية البحار (1) دلت على أن التطليقات الثلاث التي هي سبب في التحريم إذا وقعت بعضها في حال الكفر وبعضها في حال الإسلام، فيسقط ما كان في حال الكفر ويصير المدار ما وقع في حال الإسلام، ولذا قال عليه السلام: (هي عندك على واحدة) لأنه كان طلق في الإسلام تطليقتين فبقيت الواحدة، ولا عبرة بالطلقة الواقعة (2) في أثناء الكفر، فتدبر.
وإذا ثبت الجب هنا بالنص ثبت في سائر الأسباب والشرائط بعدم القول بالفرق، مع أن قوله عليه السلام: (فإن الإسلام هدم ما قبله) في قوة قضية كلية شاملة للجميع، ولا حاجة إلى التمسك بعدم القول بالفصل، فإن المورد لا يخصص العام.
وثانيها: القول بعدم الجب مطلقا، فإن الخبر المشهور - وهو جب الإسلام ما قبله - لم يعلم العمل به في هذه المقامات، وليس فيه عموم بحيث يشمل هذه كلها، والمتيقن منه ما ذكرناه في المقام الأول، وليس هذه المقامات إلا كحقوق الناس الصرفة في عدم السقوط، ورواية البحار ضعيفة غير مجبورة، ولم يعهد من الأصحاب الفتوى بها، ولو عمل بها لاقتصر على موردها من الواقعة الخاصة ولا يتعدى إلى غيرها، ويرجع إلى مقتضى الأدلة من استصحاب الحكم الثابت في حالة الكفر، لأنهم مكلفون بالفروع على ما يراه الإمامية، ويأتي البحث فيه إن شاء الله.
وثالثها: التفصيل، وله صور:
الأول: الفرق بين ما ورد فيه خبر البحار وغيره، فيجب في الأول دون الثاني.
والثاني: الفرق بين الحدود والتعزيرات ونحو ذلك وبين أسباب الحل والحرمة والوضوء والغسل، فيجب في الأول دون الثاني.
والثالث: الفرق بين الشرائط والأسباب، فيجب في الثاني، لأنه شئ ثبت قبل الإسلام فيدخل تحت الخبر، بخلاف شرائط الوجوب - على ما مثلناه - فإن الخطاب فيه بعد الإسلام، فلم يكن قبل الإسلام شئ حتى يجبه، ولذلك أفتى