أنه موجب للحلية وارتفاع التحريم، لأن الظاهر من الأدلة اعتبار الرضا في الواقع وهو حاصل، وطريقه العلم القطعي وهو موجود، والتكليف بغير ذلك تكليف بما لا يطاق. وحينئذ لا فرق بين كونه من كتابة، أو إشارة أو لفظ صريح أو دال بالفحوى أو من شاهد الحال، فإن بعد احراز القيدين لا بحث في دخوله تحت الأدلة.
وأما الظن بذلك مع مصادفته الواقع، فإن كان من لفظ - سواء كان صريحا أو بالفحوى - فهو كاف أيضا، لدخوله تحت ما دل على كفاية الأذن، فإن ذلك يسمى إذنا، بل لدخوله تحت أدلة طيب النفس أيضا، لوجود طيب النفس في الواقع وكون الظن اللفظي كاشفا عنه، وهو حجة بسيرة الناس، فإن الأمر القلبي لا ينكشف إلا بما أقر صاحبه بلسانه، ويدل على ذلك استقراء الفقه، فإنه قاض بحجية الألفاظ في الكشف عما في القلب.
وإن كان بإشارة أو كتابة مع عدم القدرة على اللفظ، فالظاهر الكفاية، لحجيتهما في حال العجز عن اللفظ وإن كانت (1) الإشارة أولى من الكتابة، مع احتمال عدم حجية الإشارة والكتابة إلا في صورة القطع. وأما مع القدرة على اللفظ فالإشكال هنا أقوى، لعدم قيامهما مقام اللفظ مع إمكانه في سائر الأسباب والعقود والايقاعات، فيشكل الاكتفاء بهما حينئذ. اللهم إلا أن يقال: إن الأدلة دلت على اعتبار الأذن، والإشارة والكتابة تعدان من الأذن (2) وإن حصل الظن، فتدبر، فإن اعتبار حصول القطع العادي بهما ليس ببعيد.
وإن كان الظن من شاهد الحال، فهل هو أيضا معتبر كظن اللفظ والإشارة في وجه، أم ليس بمعتبر؟ إذ الأصل أن الظن ليس بحجة، وظن شاهد الحال لم يقم دليل على اعتباره، وجريان عادة الناس عليه غير معلوم، ولا يعد الظن بشاهد الحال إذنا أيضا حتى يدخل تحت دليل الأذن، فمقتضى القاعدة: بقاء التحريم وإن كان ظواهر بعض عبائر الأصحاب في بحث المكان للصلاة وغيره يدل على أن