الموضوع في حقه بمنزلة الثابت واقعا، فتلزمه أحكامه. وكون الموضوع في الواقع مما لا يقبل التفكيك - فإما ثبوت الحكم عليهما معا، أو عدم ثبوته عليهما معا - إنما ينفع لو كان الحكم تابعا للواقع، ولو كان بالتعبد فهو قابل للتفكيك، وظاهر الدليل كون الإقرار نافذا على المقر تعبدا.
وربما يذكر لذلك وجه آخر، وهو أن الموضوع الواقعي تترتب أحكامه على من علم به ولا تترتب على من جهل، فإن من علم بأن فلانة زوجته ترتب عليه أحكامه (1) فلا يجوز له نكاح أمها وأختها ونكاح الخامسة - إلى غير ذلك - وإن لم تكن في الواقع زوجة له، لأن العمل بالمعتقد واجب، ومن لم يعلم بأنها زوجته لا يترتب عليه أحكامه (2) وإن كان في الواقع زوجته، لأن الأحكام مشروطة بالعلم في التكاليف (3). فصار الحاصل: أن المدار على الاعتقاد، وافق الواقع أو خالف، فإذا كان كذلك فمن أقر بأن فلانة زوجته فقد أخبر عن اعتقاده بذلك وأنه علم به فتترتب عليه أحكام العلم، ومن أنكر فهو غير عالم فلا حكم عليه، وهذا ليس حكم الموضوع الواقعي ولا حكم الإقرار تعبدا بالشرع، بل إنما هو حكم الاعتقاد اللازم الاتباع المعلوم بإقراره.
وهذا الوجه منظور فيه وإن اعتمد عليه بعض المعاصرين (4) لأن الحكم الناشئ عن الاعتقاد لا يلزم به في الشرع، بل يحول على الاعتقاد، والمفروض: أن في باب الإقرار يلزم المقر بما أقر به، ولو كان ذلك لاعتقاده لبين له التكليف على ما يعتقده، وهو أبصر بنفسه، مضافا إلى أن الاعتقاد إذا دار الحكم مداره فينبغي أن المقر إذا رجع يقبل إنكاره، لأنه يكشف عن انقلاب اعتقاده الموجب لتغير الحكم.
ولا يمكن منع ذلك، لأن الاعتقاد شئ لا يعلم إلا من قبله، فينبغي سماع دعواه فيه كيف كان، وهو شئ قابل للتبدل والتجدد، على أن الأخبار لو كان عن اعتقاده