- مثلا - ونحو ذلك، لأن الزائد منفي بإقراره أو بإقرار الاخر أو بهما معا - كما هو الغالب - فهو على فرض بقائهما على ذلك الوضع.
فلو فرض: أن من أنكر الزائد ابتداءا أو من جهة إثبات شئ آخر لو رجع وقال: (إني أقول مثل ما تقول، فأعطني ما ذكرته أولا) لاستحق ذلك من دون بحث وشبهة كما لو قال العامل: (جعلت لي اجرة خمسين) وأنكر الجاعل الجعل وحلف رجع إلى أجرة المثل حيث كان العمل بالأذن. فلو كانت أجرة المثل مائة فقد نفاه العامل من نفسه بدعواه الخمسين، فلا يستحق سوى الخمسين.
ولو فرض: أن العامل رجع عما كان يذكره أولا وقال: (أستحق عليك أجرة المثل وكنت كاذبا في كلامي الأول) فهل يلزم الجاعل بدفع تمام الأجرة على مقتضى إقراره مع ارتفاع المعارض، أو أن هذا كما أقر على نفسه [فذلك أيضا أقر على نفسه] (1) بالنفي، فليس له المطالبة وإن كان ذاك في الواقع مشغول الذمة؟
ظاهر الأصحاب: أن المقر على نفسه بالنفي يلزم بالنفي، ولو رجع عن إقراره السابق ليس له مطالبة ما نفاه وإن كان المقابل أيضا أقر له بذلك. نعم، في صورة العين الخارجية نصوا على أنه يأخذها، والوجه ما ذكرناه. وأما ما في الذمة فليس كذلك، بل يقولون: لا يطالبه وإن وجب على المقابل الإيصال بينه وبين الله تبارك وتعالى.
ولو قيل: بأن كل إقرار على نفي حق أو نفي ملك أو نفي استحقاق مال إذا رجع صاحبه عنه مع كون المقابل مقرا له بالحق يستحق ذلك - لأنه مطالبة من دون معارض - كان وجها، من دون فرق بين العين والدين.
أما لو رجع النافي إلى الأثبات فرجع المثبت إلى النفي - كما لو قال: (لك علي كذا) فقال: (ليس لي عليك) ثم جاء وقال: (أعطني ما لي عليك الذي أقررت به فإني مقر به) فقال الآخر: (ليس لك علي شئ) - فهل يؤخذ المقر المثبت بإقراره