الرعية ليست إلا من جهة علمه بالأحكام والشرائع، فكل من تلقى منه الأحكام وصار عالما فهو ولي كذلك، فتأمل، فإن في تتميم الجواب عن هذا البحث إشكالا جدا.
وأما الإشكال من جهة كونهم وارثين متعددين فيتبعض عليهم ما كان عند النبي ولا يدل على المدعى، مدفوع بأن المتبادر كون كل منهم وارثا لما عند النبي صلى الله عليه وآله من العلم والحكم دون تبعض ذلك. أو نقول: متى ما ثبت في البعض ثبت في الكل. وفيه نظر، لأن بعض المقامات قد دل الدليل على ولاية الحاكم فيه.
أو نقول: عدم وجود الفرد المعهود وعدم إمكان إرادة الفرد الغير المعين وعدم وجود القرينة يوجب الحمل على الاستغراق إن لم يرد الإشكال بوجود القدر المتيقن المانع من ذلك.
ومنها: ما ورد من أن العلماء امناء (1) أو امناء الرسل (2) كما في بعض آخر، أو حصون الإسلام (3) كما في قسم ثالث، بتقريب: أن كونه أمينا على الاطلاق أو أمينا للرسل ليس معناه إلا رجوع أمور الرعية إليهم، وهذا معنى الولاية، ومن ذلك يعلم معنى (الحصون).
ويمكن أن يقال: إن الظاهر من كونهم امناء: كونهم امناء في الشريعة والعلم، بمعنى: أن ما جاء به من الأحكام فهو عند العلماء ينبغي أن يرجع إليهم، ولا دلالة فيه على ولايتهم في المقامات التي هي محل البحث، وكذلك كونهم (حصون الإسلام) معناه: كونهم حفظة الدين بنشر أحكامه، وأي دخل له بالولاية؟ اللهم إلا أن يقال: إن كونهم حفظة للشرع وحصنا للإسلام لا يتم إلا بالولاية، وإلا لم يمكن لهم حفظ الإسلام. وله وجه بعد التأمل، فتدبر.
ومنها: ما دل على أن العلماء خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله (1). والوجه في الدلالة: أن