بفعلهم، إذ لا شبهة في كون إتيان المكلف بالمأمور به موجبا للسقوط.
وإن قلت: إن غير الحاكم ليس بمكلف.
قلنا: إن الفرض عدم تعيين المكلف، فمن أين علمت كونه مكلفا؟ فإن كان من عدم التعيين فذلك يوجب الكفائية الثابتة لكل أحد، وإن كان من قصد الشارع خصوص الحكام يلزم أولا: خلاف الفرض، لأن كلامنا في مقام لم نعلم من كلف به مطلقا وعلى هذا الفرض يصير المكلف معلوما. وثانيا: لا ريب أن مقتضى القواعد عدم قصد خصوصية الحاكم. ولا يمكن المعارضة بأصالة عدم قصد التعميم، إذ التعميم يكفي فيه عدم قصد الخصوصية، ولا يحتاج إلى قصد التعميم حتى يعارض بذلك. وبعبارة أخرى: متى ما كان التكليف ثابتا ولم يعلم المكلف فالظاهر تساوي الكل في ذلك، ولا يحتاج إلى دلالة على قصد التعميم. مع أن مقتضى أدلة الاشتراك بعد عدم التعيين عموم الحكم لكل مكلف، فلو فرض تعارض قصد التعميم مع قصد الخصوصية وتساقطهما تقوم أدلة الاشتراك في التكليف حجة على التعميم.
ومن ذلك يندفع احتمال القول بأن الإجمال يوجب الأخذ بالمتيقن، لعدم الإجمال أولا بعد معلومية الغرض وإمكان حصوله من أي مكلف كان. ولو فرض إجمال فهو وإن اقتضى الأخذ بالمتيقن - بمعنى لزوم مباشرة الحكام للشك في سقوط فعل غيرهم عنهم - لكن ما دل على الاشتراك في التكليف يوجب كونها كفائية على الجميع المستلزم للسقوط بفعل أي منهم كان.
ولو قيل: إن مقتضى الفرض ثبوت هذا الإتيان على أحد من المكلفين، ولو لم يلزم من ذلك الوجوب على الحكام فلا أقل من الجواز، إذ هو أيضا كسائر الناس وليس أقل منهم، وإذا ثبت الجواز ثبت الوجوب بالإجماع المركب.
قلنا: إن أريد بذلك الإجماع الدال على الولاية، فلا وجه لتسميته بالإجماع المركب، لأنه بسيط. وإن أريد من ذلك: الملازمة بين الجواز والوجوب، قلنا:
الظاهر الجواز له ولغيره، فكذا الوجوب، ومقتضاه الوجوب الكفائي وقد سلمناه،