قلنا: إن أريد الطلب فهو ساقط، وإن أريد الوجوب فهو غير ثابت، كما قررناه آنفا.
قيل: إن أردت إنشاء الطلب الفعلي فممنوع جدا، وإن أردت اللا بشرط أو التعليقي فلا يجدي، والأمر حقيقة في إنشاء التكليف اللا بشرط، وينصرف إلى الفعل بقرينة الإطلاق وإلى الثاني بقرينة التقييد، والقسمان لا ينفكان عن إنشائهما، لاستحالة تخلف المعلول عن العلة، لكن التكليف الفعلي ينفك عن المعلق، لأنه ليس إنشاءا له وعلة، بل علة ناقصة، فحيث وجد الشرط صار سببا تاما وحصل الطلب بالفعل، نظير الملك في باب الصرف، فإن العقد هنا إنشاء الملكية معلقة (لأنه علة تامة لها دون الفعلية، فإذا تحقق القبض صار الملكية فعلية لوجود علتها التامة بالإنشاء السابق والشرط اللاحق، فكذلك في الطلب حرفا بحرف.
وبالجملة: فهنا إنشاءان ومنشئان معلولان لهما على التوزيع، وليس تخلف المنشأ الفعلي عن إنشاء المعلق تخلف المعلول عن علته التامة.
قلنا أولا: إنه لا وجه لمنع الطلب الفعلي، مع أن ظاهر العرف حصوله لما قررناه، وإنما الثاني هو الوجوب لتبعيته لظرف موضوعه.
وثانيا: أن الطلب المعلق على المعدوم معدوم قطعا، فلا معنى لإنشائه، إذ إعدام العدم ممتنع، والإيجاد من غير وجود لا يعقل، غايته: يصير هناك أهلية للطلب كما هو ظاهر، وهو كان ثابتا قبل قولك: (اضرب). وليس مرادهم من إنشاء الطلب إحداث الماهية (2) جزما. فعدم وجود الطلب يسري إلى عدم الإنشاء وهو خلاف الفرض، أو الأحداث المعلق وهو كذلك، إذ هو ليس بإنشاء كما قررناه.
والتنظير بمسألة الصرف فاسد، لأن المنشأ هنا النقل العرفي وهو من حين العقد، غايته: إمضاء الشارع بعد القبض، فليس هنا منشأ معلق، بل المعلق الملك