بشئ قطعا، حتى بظرف وجوده.
قيل: يلزم امتناع التعليق في معنى صيغ العقود لو سلم أن الملك هنا بمنزلة الطلب في الأمر، وليس كذلك، بل هو التمليك والملك بمنزلة الإكرام المتأخر، فإنشاء التمليك الان، وحصول الملك بعد سنة مثلا أو عند مجئ زيد.
قلنا: هذا اشتباه، فإن إنشاء التمليك إيجاد له بالفعل، والمالكية التي هي عبارة عن ثبوت صفة الملك معلول للتمليك، فلو تخلف عنه تخلف المعلول عن علته، إذ لا يعقل التسليط بالفعل من دون حصول التسلط، لأن الانفعال ممتنع الانفكاك عن الفعل، ومجرد إتيان فعل للتمليك مع عدم الأثر لا يقال: إنه تمليك. وكذا الحال في جميع المصادر، كما قررناه في المقدمة الأولى.
قيل: فيلزم أن يكون المملوكية أيضا بالفعل، مع أن موضوعها في المنفعة المنفصلة معدومة. وكيف يوجد العرض بدون الموضوع؟
قلنا أولا: لا يلزمنا ذلك، وإنما هو نظير الوجوب المتحقق في ظرف وجود المأمور به، فبالتسليط الان يحصل تسلط كذلك على شئ متأخر مسلط عليه في ظرف وجوده. وثانيا: يرد هذا قبل النقل، فلا ريب أن المؤجر مالك ومسلط عليه في ظرف وجوده على المنفعة، وكذا البائع للثمار مسلط عليها ومسلط عليها في ظرف وجودها، فتأمل.
فظهر: أن امتناع التعليق في العقود على الشرط المتأخر عقلي بعد ثبوت كونها إنشاءات.
وأما التعليق في متعلق المنشأ - كالضرب (1) وثمرة السنة الآتية أو منفعتها - فلا بأس به على ما قررناه، وهو واقع عقلا وشرعا وعادة.
والحاصل: أن الإنشاء القلبي كالفعل الظاهري، فكما يمتنع نقل كتاب من مكان إلى مكان اليوم غدا فكذلك يمتنع نقل ملك من مالك إلى آخر اليوم غدا، وإن أريد الأهلية فهو خارج عن البحث.