الخصم من أنه يلزمك من القول به هناك القول به هنا فاسد جدا.
فبقي الكلام فيما ذكره وجها للامتناع، وهو عدم حصول الجزم مع احتمال فقد المقصود، وقد سبق فيه بعض الكلام.
فنقول: نفرض المسألة في صيغة البيع الاحتياطي والنكاح الاحتياطي وهكذا... مع أنه لم يقل أحد بامتناعه، فإذا جرت الصيغة أولا ثم شك في صحته فلا ريب أن الشك لا يستلزم فساده، بل يحتمل كونه في الواقع صحيحا مملوكا للمشتري، وكذا في النكاح، مع أن الأصل وقوعه صحيحا بعد الفراغ، للقاعدة السابقة في محلها (1) فإذا أريد إجراء الصيغة ثانيا احتياطا فمعناه: أنه جازم للنقل لو لم ينقل بالعقد السابق، لاستحالة تحصيل الحاصل.
فإما أن تقول: بأنه لا جزم على النقل والإنشاء - فمع أنك كابرت الوجدان - يرد عليك: أنه كيف يكون احتياطا؟ لأنه باطل حينئذ. وإن قلت: بأنه إخبار كما في النذر، قلنا: هذا بيع فإذا كان إخبارا كان الكل كذلك، فأي فرق بين الصيغة الأولى والثانية؟ وإن قلت: إنه غير معقول خالفت ضرورة أهل العقول، ومن قال بعدم جوازه - لو كان - لم يقل من جهة الامتناع العقلي، بل من جهة الشرع.
وإما أن تقول: بأنه جزم فقد أصبت الحق وثبت المدعى.
وكذلك في الطلاق مع الشك في بقاء الزوجة (2) مع أنه لا كلام في صحته فضلا عن تعقله (3).
فإن قلت: هذا بالاستصحاب. قلت: لو حصل الظن بالموت أيضا يصح.
فإن قلت: لا يضر، لأن الحجية بطريق التعبد لا من باب الوصف، وهو الظن، قلت: الجزم على الانشاء أمر نفساني واقعي لا يناط تحققه بالشرع، والاستصحاب وإن أفاد الظن لا يرفع الاحتمال، والنفس متردد (4) محتمل للوجود والعدم، فإن كان الجزم معه غير معقول فالشرع لا يجعله ممكنا.