في الواقع حمراء فقد ورد العلة على معلوله (1) ومضى (2) من غير تخلف، وإن لم يكن كذلك لم يكن هنا علة، بل يكون مثل قولك: (بعتك) مكان (أنكحتك) أو (بعتك الفرس) مكان (بعتك البقر)، فكما أن تخلف ذلك عن هذا لا يمتنع - إذ ليس معلولا له فليس العلة علة بالنسبة إليه - فكذلك بيع الحنطة إن كانت حمراء علة لانتقال الحنطة الحمراء، فإذا انتفى الموضوع انتفى العلية، ولا يلزم التخلف، وإذا وجد وجد بالعلة، غايته أنك لاتعلم بأن العلة والمعلول تحققا جزما أو بطلا جزما، فهنا أمور ثلاثة: تحققهما في الواقع وهو ممكن، وبطلانهما في الواقع وهو ممكن، وجهلك بالواقع وهو ممكن أيضا بل واقع، فالممتنع العقلي هنا أي شئ؟
قيل: إن النقل معنى نفساني، فإذا لم يعلم أنه يقع أم لا يقع، فكيف يجعله النفس؟
قلت: لا ريب أن النفس ينقل المقصود جزما وهو الحنطة الموجودة الحمراء، فإذا علم خلافه سقط العلية، فإن النقل ليس إلا التسليط، وهو مسلط له على هذه الحنطة الحمراء جزما، كما أن التوكيل تسليط على المال جزما لو كان كذا، وليس ظهور خلافه إلا الكشف عن عدم (3) العلية بالنسبة إلى ما هو الموجود، لا تخلف المعلول عن علته.
قيل: فلم لا تقول (4) في البحث السابق كذلك؟ فإن (بعتك إن جاء زيد) علة للنقل الموجود حالة المجئ، لا أن العقد لأنه المقصود (5) والمفروض - كما اعترفت (6) به - وقوع صيغ العقود على المقصود، فعدمه الان ليس من تخلف المعلول، بل لعدم العلية.
قلنا: فرق بين المقامين، لأنه قد ثبت علية الصيغة لإنشاء معناه (7) وهو النقل