قلت: ظاهر قوله: (أتلفه وعليك عشرة) كون العشرة عوض الجميع وعدم رضاه بالمجانية، غايته أنه رضي بالعوض الأقل ورضاه بذلك قبل حصول الضمان غير كاف، مع أنه لا معاملة هنا توجب الانتقال إلى الملك بالعوض المسمى - كما هو المفروض - فيبقى تحت قاعدة الضمان الحاكمة بتمام المثل أو القيمة.
مضافا إلى أن هذا في صورة فرض الزيادة لا يكاد يتم، إذ لو قال: (أتلفه وعليك عشرون) مع أن قيمته عشرة فكيف يضمن العشرين؟ ومجرد قوله كذلك ورضا المتلف بذلك لا يجعل ذمته مشغولة به، بل يضمن ما تقتضيه قاعدة الإتلاف من المثل والقيمة (1).
وبالجملة: مع كون الملك باقيا على ملك مالكه لا يكون الإتلاف إلا موجبا للمثل والقيمة دون ما سمي في مقام المعاطاة والإباحة.
فإن قلت: فكيف صح ذلك قبل التلف؟ إذ كل من المتعاطيين يكتفي بما أخذه من العوض، فلم لا يكون بعد التلف كذلك؟
قلت: الفرق بينهما واضح، إذ العين ما لم تتلف فهي مباحة للقابض بإزاء عوض يتصرف فيه، فإذا صار كذلك فلا مانع منه، وأما بعد التلف فالمرجع إلى القواعد، وهي تقتضي اعتبار المثل والقيمة.
مضافا إلى أن ذلك لو صح يختص بصورة الأقدام على الإتلاف، وأما لو وقع التلف بآفة سماوية فلا داعي في ذلك إلى الالتزام بالعوض المقابل، إذ لم يقدم على إتلافه بذلك العوض حتى يلتزم به، فتدبر.
الرابع: (2) أن مقتضى مقالة المشهور حصول الملك بالتلف، مع أن التالف حال تلفه لا استقرار له حتى يتحقق الملك، وبعد حصول التلف غير موجود حتى يملك، والقول بأنه يحصل الملك قبل التلف ثم يتلف تقديم للمسبب على السبب وترجيح من دون مرجح. ولا ريب أن حصول الملك مع التعاطي - الذي هو معاملة على