وذهب إلى الثاني المشهور، بل لا يكاد يعرف مخالف في ذلك سواهما، بل الظاهر - كما حكاه بعضهم - (1) عدم مخالفة المفيد أيضا، وهو الأرجح في النقل، لعدم معروفية هذا النقل عن المفيد في كلام القدماء، ولو كان لبان.
وبالجملة: فالمخالف الصريح إنما هو المقدس الأردبيلي، والذي يمكن أن يكون دليلا على ما ذهب إليه من كفاية التقابض مع التراضي في اللزوم أمور:
أحدها: أن المعاطاة داخل تحت البيع والصلح والإجارة وغيرها من العقود بحيث يصدق عليه الاسم، ومتى ما دخل تحت الأسامي فما دل على لزوم هذه العقود يدل على لزومها من قبيل: (البيعان بالخيار) (2) وغيره.
وثانيها: أنه يشمله عموم أوفوا بالعقود (3) الدال على اللزوم، إما بكونه داخلا في اسم البيع ونحوه فتندرج تحت العقود، وإما لأن العقد عبارة عن العهد أو (4) الربط ولا ريب في كون المعاطاة داخلة فيها، فإذا كان كذلك فإخراجها يحتاج إلى دليل.
وثالثها: الاستصحاب، فإنه بعد ما أفاد جواز التصرف والملك فيشك في أنه هل يرد العوضان بالفسخ أم لا؟ فالأصل بقاؤه كما كان، وهو معنى اللزوم. وقد تقدم تحقيق دلالة الاستصحاب على اللزوم في أصالة اللزوم، فراجع (5).
ورابعها: جريان السيرة على أن بعد المعاطاة لا يرضون بالفسخ لو أراد أحد المتعاقدين الفسخ، وهو أمارة اللزوم، للكشف عن كونه في زمن الشرع كذلك، فكما أن السيرة أثبتت الشرعية تثبت اللزوم أيضا.
وخامسها: تعلق قصد المتعاقدين والمتعاطيين على اللزوم والدوام، ولا ريب أن العقد يتبع القصد، ومقتضاه كون العقد لازما.