ولا ريب أن للملك أحكاما شرعية تترتب عليه، فلو لم تكن هذه المعاملة مفيدة للملك فلا بد من بيانه عليه السلام لهم ذلك.
ولو اكتفى في عدم الردع بمجرد إفادة الإباحة لجرى نظير هذا الكلام في سائر العقود المملكة أيضا، لاحتمال أن يقال فيها أيضا: بأنها تفيد الإباحة لا الملك، والتمسك في ذلك بالإجماع وغيره بعيد.
وبالجملة: فلا وجه لهذا الإيراد بعد ثبوت قصدهم (1) التمليك.
نعم، لو نوقش بأنهم غير قاصدين للتملك لكان لذلك وجه - كما مرت إليه الإشارة - فينبغي الرجوع في ذلك إلى عامة الناس حتى يعرف الحال، والظاهر أنهم يقصدون الملك، كما لا يخفى على من تتبع.
الثالث: أن طريقة المسلمين قديما وحديثا إجراء أحكام الأملاك على المقبوض بالمعاطاة، إذ لا ريب في كونه ميراثا بعد موت القابض، وموجبا للخمس والزكاة وسائر الحقوق بعد اجتماع شرائطها، ويتعلق به الوصية، ويحصل به استطاعة الحج، ولا يلتزمون في ذلك بالفحص عن العوض المقابل بأنه هل هو باق حتى يبقى المال على إباحته أو هو تالف في يد الآخر حتى يحصل التملك بالتلف؟ - كما هو أحد الوجوه - مع أنه لا ريب أن مقتضى الاستصحاب بقاء العوض الآخر على ما هو عليه من دون تغيير (2) وتلف، وكذلك نرى جريان طريقتهم على التصرف فيه بما لا يصح إلا في الملك - كالبيع والوقف والعتق والوطئ والتحليل - فلو لم يكن مجرد التقابض مع التراضي مفيدا للملك فأي يوجبه بعد ذلك؟ (3) وبعد استمرار الطريقة على ذلك، فاللازم على المشهور ارتكاب أحد أمور:
أحدها: منع استقرار الطريقة على ذلك، وعدم تسليم إجراء أحكام الملك عليه، وهذا لا يسعهم بعد وضوح الأمر