- كما ذكروه (1) في الخيارات وغيرها - ولا مانع منه. وقياس إفادة الملك على إفادة اللزوم - مع أنه قياس - مردود لا وجه له، لوجود الفارق، فإن الملك القهري غير معهود، بخلاف اللزوم، فإنه مفتى به في مقامات كثيرة.
ومنها: استلزامه لكون تلف العوضين معينا للعوض المسمى من الطرفين ومن أحدهما معينا للجانب الاخر، مع أن مقتضى قاعدة الإتلاف الحكم بالضمان بالمثل والقيمة لا لما وقع عليه التراضي.
فإن قلت: إنهما بعد ما تراضيا على جعل العوضين ما هو المسمى من الجانبين فلا وجه للمثل والقيمة، لأنهما إن زادا على قيمة المسمى فقد أسقطه صاحبه بإقدامه على العوض المقابل، وإن نقصا عنه فقد أقدم المتلف على دفع ما هو أزيد، فلا يجوز له المراجعة على الزائد.
قلت: لا نسلم كون مجرد التراضي على ذلك كافيا في تغيير حكم القاعدة، فإن من قال لأحد، (أتلف هذا المال الذي قيمته عشرون وعليك عشرة) فأتلفه المخاطب يلزمه العشرون بحكم الضمان، لأن المالك لم يأذن على الإتلاف مجانا، بل بعوض، ومتى ما تحقق الضمان فالقاعدة تقضي بأداء تمام القيمة، ولا عبرة بقول المالك: (وعليك عشرة) حتى يجعل ذلك مسقطا للعشرة.
لا يقال: إنه كما (2) لو أذن بالإتلاف مجانا أسقط جميع العوض، فكذلك في قوله: (وعليك عشرة) أسقط نصف العوض، لأنه في الحقيقة إسقاط لما لم يجب، فإن قوله: (إذا أتلفت هذا يصير عليك عشرون وأنا أسقطت منه عشرة) لا ينفع في شئ، إذ الإسقاط فرع اشتغال الذمة، وليس هذا إلا كقول الزوجة: (أسقطت نفقتي شهرا) فإنه لا يسقط بذلك.
فإن قلت: لم لا يكون قوله: (أتلف المال وعليك عشرة) بمنزلة قوله: أتلف النصف مجانا والنصف مع العوض.