وثانيها: القول بجواز هذه التصرفات بالتعبد الصرف، من دون ملاحظة تبعية المعاملة للقصد وعدم المنافاة في ثبوت الإباحة مع أنهم غير قاصدين لها، ولا مانع من جريان أحكام الملك من الحقوق والمعاوضات وغير ذلك على المباحات، سواء كان هناك علم بعدم التصرف في العوض الآخر أو شك في حصول التصرف.
ولا ريب أن حصول ما لم يقصد وقصد ما لا يقع غير واقع في المعاملات، وخروج المعاطاة عنها بعيد غاية (1) مفتقر إلى الدليل، وجريان حكم الملك على المباح مخالف للقاعدة، وجميع ما دل في الأبواب المذكورة على اعتبار الملكية ومثل ذلك (2) لا يمكن الاقتحام عليه من دون مستند ظاهر.
والقول: بأن احتمال التلف في العوض الآخر أو التصرف فيه كاف في ذلك لأنه موجب للملكية، مدفوع بأن الاحتمال غير كاف في الأثبات، مضافا إلى أن الاحتمال المذكور مدفوع باستصحاب عدم حصول التلف والتغيير (3) فيبقى العوضان على الإباحة بدليل الاستصحاب المعتضد باستصحاب الإباحة وعدم حصول الملك.
وثالثها: القول بأن العقود الناقلة - كالبيع والوقف الخاص ونحو ذلك - تستتبع حصول الملك لصاحب اليد ضمنا، ثم ينتقل منه إلى المنقول إليه، فيقع التصرف بعد حصول الملك، إما بمعنى مقارنتهما في الزمان مع تقدم الملك على التصرف بالذات كتقدم العلة على المعلول، أو بمعنى حصول الملك قبل التصرف بزمان يسير، وأيا ما كان يكفي في حل الإشكال وعدم (4) لزوم جريان حكم الملك في المباح، وقد وقع نظير ذلك في مقامات من أبواب الفقه نشير إلى بعضها:
منها: الوطئ في العدة الرجعية فإنه يتضمن الرجوع، بمعنى أنه يقع به الرجوع أولا ثم يتحقق الوطئ، إذ لو لم يتقدم الرجوع كان في حكم الأجنبية