الناس في معاطاتهم يقصدون التملك، نقول: إنه مورد لا قيد، بمعنى أنهم يرخصون في التصرف في العوض مع كون العوض الآخر سليما لهم، ولا يتفاوت الحال عندهم بين كون ذلك على طريقة الملك أو الإباحة بعوض، كما أن ذلك يظهر من طريقتهم.
مضافا إلى أن بعد فتوى المشهور بأنه لا يفيد الملك وسماع المسلمين هذه الفتوى كيف يعقل كونهم قاصدين ما لا يقع شرعا؟ فإن ذلك في غاية البعد، ولو كان فيهم من يقصد الملك فلعله ممن يذهب إلى أن المعاطاة مفيدة للملك، لأن القول به أيضا غير نادر، فإذا لم يكن مقصودا أو كان مقصودا بالموردية فلا وجه لزوال الإباحة بعدم التملك.
ولو فرض كونهم قاصدين للتملك أيضا نقول: إن بعد فرض أن مشروعية هذه المعاملة إنما هو لإفادة الإباحة دون التمليك - كما هو المشهور - فيصير قصد التملك من القصود الزائدة على أصل المراد، وليس إلا كقصد الزوجة النفقة في النكاح المنقطع أو الإرث، أو نحو ذلك من الأمور الزائدة التي لم يجعل الشارع المعاملة مؤثرة فيها، وهذا القصد لو كان داعيا إلى إبطال العقود بعدم الترتب للقصود عليها (1) لزم من ذلك بطلان العقود لأكثر الناس، لأنهم من جهة عدم علمهم باللوازم يقصدون ما لا يترتب عليه شرعا، وقد مر تحقيق المحل في قاعدة تبعية العقود للقصود، فراجع (2).
نعم، لو لم يكن لمشروعية المعاطاة دليل غير إدخالها في الأذن المفيد للإباحة لتوجه كلام العلامة على المشهور (3) لانتفاء الأذن هنا بسبب عدم تحقق القيد المأخوذ في القصد والرخصة، ولكن بعد قيام الدليل على أن هذه المعاملة مشروعة من سيرة أو إجماع وأنها مفيدة للإباحة فلا موقع لهذا الكلام.
ولعل نظر الفاضل على أن ذلك لا يفيد الإباحة إلا من جهة الرخصة من