والحق أن يقال: إن دخول المعاطاة تحت أسامي العقود غير مقبول (1) عند المشهور، وإلا لأفادت الملك، ولا يقولون به، بل صريحهم عدم دخولها فيها، فالأدلة الدالة على لزوم البيع ونحوه لا تشملها.
ولو سلم دخولها تحت الاسم أيضا فنقول: انصراف تلك الأدلة إلى العقد اللفظي يمنع من إفادتها لزوم المعاطاة، وبذلك يظهر الجواب عن عموم أوفوا بالعقود بالأولوية، لانصرافها إلى العقد اللفظي جزما. ولو سلم دخولها تحتها أيضا فإجماع الأصحاب - محصلا ومنقولا - مع ما ذكرناه من المؤيد والشاهد يخصصها جزما، ولا أقل من إفادته الشك في شمول العمومات المانع عن التمسك بها.
وأما الاستصحاب: فإن لم نقل بكونها مفيدة (2) للملك - كما هو ظاهر المشهور - فلا وجه لاستصحاب الإباحة، لأن ميزانها إذن المالك، فإذا فسخ فيرتفع الأذن والإباحة، ولو قيل بإفادتها (3) الملك أيضا يصير الكلام فيه كالعمومات، فينقطع بمعارضة الإجماع.
ونمنع كون السيرة على عدم جواز الفسخ، بل ندعي أن السيرة على جواز الفسخ، فإنا نرى أن أحد المتعاطيين ما لم يتصرف في العوض إذا أراد أن يرده ليس لأحد أن يقول: إن هذا قد لزم وليس لك أن تفسخ، وهذا مما يدل على أن مبنى هذه المعاملة ليس على اللزوم.
لا يقال: لعل هذا من جهة المسامحة في الأمور الجزئية، ولو كان في الأمور الكلية لا يرضون بالفسخ (4) والتراد.
لأنا نقول: الظاهر من طريقتهم عدم كون ذلك لمحض المسامحة، إذ لو كان لذلك لم يرض بالتراد من لا مسامحة له، فإنا نرى أن بعض الناس له المداقة في كل جزئي جزئي وليس ممن يدعو نفسه إلى الإقالة والإحسان في معاملاته ومع ذلك