بالشفعة إن جعلناها من الإيقاعات. ومثل ذلك الفسخ، فإنه كما يصدق بقوله:
(فسخت) يصدق بإعطائه العوض وأخذه المعوض.
وكذلك إسقاط الحقوق، فإنه كما يتحقق (1) بلفظ الإسقاط يتحقق (2) بالفعل الدال عليه.
ويؤيده ما دل على أن التعريض للبيع مسقط للخيار.
وبالجملة: الميزان في صحة هذه الإيقاعات بالفعل إنما هو صدق الأسامي التي علق عليها الحكم على هذه الأفعال، كما يصدق على الألفاظ، فيصير إطلاق الأدلة الدالة على ترتب الحكم عليها مخرجا عن الأصل ومخصصا لعموم الخبر الدال على أن غير الكلام لا يحلل ولا يحرم، فتدبر.
وأما الإبراء، ففي صدقه بالفعل مشكل، والظاهر أنه لو صدر الفعل بحيث دل على الإسقاط كفى - كما في سائر الحقوق - وإن كان بقرينة سؤال وجواب، فتذكر.
بل يمكن أن يقال: إنه متى ما حصل منه ما يدل على أنه أسقط حقه كيف كان يكتفى به.
وثانيهما: أن سيرة المسلمين قديما وحديثا على كون الوقف (3) والأذن والإجازة والبذل والأخذ بالشفعة والفسخ والإسقاط بالأفعال كما يكون بالأقوال (4).
ولا يمكن المبادرة إلى الحكم بالبطلان في ذلك كله، لأنه راجع إلى إفساد طريقة المسلمين كافة، ولا ريب أن هذه طريقة مستمرة (5) من قديم الزمان إلى زماننا هذا، لبعد احتمال تجددها، فتكشف عن تقرير المعصوم الكاشف عن الحكم الإلهي، وهو الحجة في السببية.