أن النكاح حقيقة في العقد أو في الوطئ، والأكثر على أنه حقيقة في العقد فلا يشمل المعاطاة، ولو كان مشتركا أيضا لزم فيه الإجمال الموجب، لعدم تيقن الدخول تحته، بل لو سلم كونه حقيقة في الوطئ لا يعقل دخول المعاطاة، إذ الفرض (1) كون السبب مفيدا لإباحة الوطئ، المحرم بدون السبب، ولا وجه لكون الشئ المحرم سببا لإباحة نفسه، وهذا (2) واضح لمن له أدنى مسكة، سيما بعد التنبيه عليه، فلا يراد من عمومات أدلة النكاح إلا العقد، والمعاطاة ليست منه.
ولنا هنا كلام حاسم لمادة الاشكال، رافع للقيل والقال، وهو: أن ما ذكرناه من الأدلة على عدم المعاطاة في النكاح كلها يدور مدار أمرين: إما دعوى عدم دخول المعاطاة تحت الأدلة فيبقى (3) تحت أصالة الفساد، وإما لقيام الدليل المخرج له (4) عن تحت الأدلة لو كان عموم في الباب يشمله، منها: ما ذكرناه سابقا، ومنها: أنه لو كان المعاطاة كافة في النكاح لم يتحقق الزنا إلا في صورتين:
إحداهما صورة الاكراه.
وثانيتهما: كون الفاعلين غير قاصدين الحلية بذلك الفعل، بل قاصدين لمخالفة الله، مع أن ضرورة المسلمين قضت بوقوع الزنا ولو مع التراضي والتعاطي بالعوض المعين أو بدونه، بل هو الفرد الشائع من الزنا، فكيف يعقل كون المعاطاة بمجردها مبيحا؟
والكلام الأتم أن يقال: لو سلم عموم دليل دال بظاهره على كفاية المعاطاة في التحليل في الفروج ولم يقم أيضا دليل دال على إخراجه (5) عن القاعدة لكنا أيضا نقطع بعدم كفايته (1).
وبيان ذلك: أن المراد من السبب المحلل للتصرف أو المملك - على أحد القولين في المعاطاة - أن يكون السبب واقعا قبل المسبب، فيفيد إباحته أو تمليكه