للمعصية والأثم فاحمل على أحدها، وإلا فعلى الخطأ في الاعتقاد، مثلا: إذا رأيت أحدا يأكل في نهار شهر رمضان فيحتمل كونه مسافرا، وإلا فيحتمل كونه يخاف على نفسه من ضرر، وإلا فيحتمل كونه مكرها - وإن كانت امرأة يحتمل كونها حائضا - وإلا فيحتمل عدم كونه عالما بأن هذا شهر رمضان، لبعده عن البلد ونحو ذلك، وإلا فيحتمل أن لا يكون عالما بوجوب صوم شهر رمضان، كما لو كان جديد الإسلام واحتمل ذلك منه، وإلا فيحتمل اعتقاده أن الأكل لا يفسد الصوم، أو أكل الفاكهة أو التمر مثلا، أو العلف الغير المعتاد ونحو ذلك، ويحتمل كونه ناسيا عن كونه صائما كما يتفق غالبا، أو ناسيا عن كون هذا شهر رمضان فتخيل أنه صوم مندوب، أو قضاء يجوز إفطاره قبل الزوال ونحو ذلك، فإن هذه كلها احتمالات يدفع بها ظن السوء ويبنى على الصحة.
ويدل على هذا المعنى ما ذكره المجلسي رحمه الله في البحار في قضايا أمير المؤمنين عليه السلام أنه ورد عليه قوم يأكلون في نهار شهر رمضان، فسألهم عن السفر والمرض ونحو ذلك من الأعذار، فلما أقروا بانتفاء الكل قام فحدهم (1).
وهذا المعنى هو ظاهر قولنا: (يحمل فعل المسلم على الصحة) وهو الذي يتبادر منه إلى الأذهان ويدل عليه الآية (2).
وما دل على عدم التكذيب يكون معنى ذلك: أنه لا يبنى على كونه كاذبا عاصيا، وأما أنه يبنى على كون الكلام مطابقا للواقع حقا - بتقريب أن عدم التكذيب عبارة عن التصديق والقول بأن كلامك مطابق للواقع - فغير مستفاد من الخبر، بل لا ريب أن الساكت والمتردد أيضا يقال له: إنه ما كذب الخبر، وإن كان لم يصدق أيضا. واحتمال الخطأ في الخبر وعدم الوثوق به ليس تكذيبا لقائله عرفا، بل المتبادر من (التكذيب) نسبته إلى الكذب عن عمد الذي هو المعصية، لا مجرد مخالفته للواقع ولو كان عن خطأ أو نسيان. ويدل على هذا المعنى ما دل من