وهذا لادخل له في الحمل على الصحة أبدا عند الأنصاف.
وعدم العبرة بمستحق التهمة يقضي بأن الإنسان إذا عرض نفسه للتهمة ولم يتق مواقعها فهو فاسق، لأن الاتقاء من مواقع التهمة أيضا من الواجبات التي من تركها يفسق بذلك، لا أنه يسند إليه ما لم يعلم منه، ولا منافاة بين كونه مخالفا للشرع في عدم الاتقاء عن موضع التهمة ولزوم عدم ظن السوء في حقه لغيره.
وما دل على أن الفاسق ليس بمؤمن ولا مسلم لا يدل على عدم لزوم حمل فعله على الصحة، إذ لا ريب في إرادة الإيمان والإسلام الكامل، للقطع بجريان جميع أحكام الإسلام والإيمان على الفاسق. وما ورد من الآيات في حصر المؤمن على أشخاص (1) لا تتفق إلا في آحاد العدول أيضا قاض بإرادة الكامل، بل ما ورد من الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام في ذكر صفات المؤمن (2) يقضي بعد م وجود مؤمن غير المعصوم، ومثل ذلك ليس مناط الاستنباط للفقيه في المسائل، فتبصر.
وما دل من الخبر على عدم الاعتماد إلا مع معرفة الصلاح والخير، فلا يدل على جواز ظن السوء، أو عدم الحمل على الصحة في المجهول الحال، بل غايته:
أنك لا تعتمد ولا تجترئ على ذمه وظن السوء به بما رأيت منه ما خالف الشرع باعتقادك، إذ لعله معذور في ذلك.
وما ذكره من اختلاف الأصحاب في هذا الباب في مقامات قد عرفت أن شيئا منها لادخل لها على هذا المعنى الذي ذكرناه، إذ عدم المعصية (3) لا يستلزم كونه في الواقع كذلك.