الآيات والأخبار على مذمة الكذب وكون اللعنة على الكاذب، فتدبر جدا.
وهو المراد أيضا من وضع أمر الأخ المسلم على أحسنه، لظهوره في الحمل على أجود المحتملات، لافرض كونه واقعا فلابد من ترتيب كل أثر عليه، بل مجرد رفع العصيان عن الفاعل.
وكذا ما دل على حرمة التهمة - وهو ظن السوء - فإن ما ظاهره الخلاف إذا وجب حمله على الصحيح فكيف بالظن من دون أمارة ظاهرة؟ وكذا المراد من عدم إضمار السوء.
نعم، ما دل على وجوب العمل بقول المؤمن وأنه حجة لا يلائم هذا المعنى الذي ذكرناه، وإنما هو ملائم للمعنى الآتي، وسيأتي الكلام في اعتباره.
وما ذكره (1) من المعارضات لا يرد شئ منها على هذا المعنى، لأن اشتراط أداء حق الاخوة بهذه الأمور الثلاثة لا يدل على أن من كان على خلاف ذلك فلا يحرم فيه ظن السوء، بل لا يجب أداء حق الاخوة، وهو غير المراد. ولا دليل فيه على جميع الحقوق حتى نقول: إن ظن السوء منه، مضافا إلى أنه مشعر بالحيثية، فإنه إذا وعد وخالف وحدث وكذب، فلا وجه حينئذ لحمل قوله على الصدق بعد العلم بكذبه ومخالفته. ولا دلالة في الخبر (2) على أن من كذب في حديث أو خالف في وعد فلا بأس بظن السوء فيه ولا احترام له، وذلك واضح عند من تأمل، والظاهر من سياق الخبر غير ذلك قطعا.
والصحيح في العدالة (3) إنما يدل على أن من لم يكن ساترا لجميع عيوبه لا يحرم على المسلمين التفتيش ولا يجب عليهم التزكية، والقيد إنما هو للمجموع المركب لا لكل واحد، وليس يفيد أنه إذا أظهر بعض عيوبه حل للمسلمين التفتيش عن الباقي، وعدم وجوب التزكية لا يستلزم التفتيش وظن السوء، غايته: يكون مجهول الحال، أو يكون فاسقا بما أظهر من عيبه، لا أنه يسند إليه ما سواه أيضا،