معلومة، أو ثابتة بالبينة. وأما الموضوعات التي قيدت بالعلم فلا عبرة فيها بالبينة، كالطهارة والنجاسة، فإن الشارع حكم بالطهارة في الموضوع المشتبه حتى يعلم أنه نجس، وفي الحرمة والحلية حكم بالحل حتى يعرف أو يعلم أنه حرام، وفي الشئ الذي علم وجوده حكم ببقائه إلى أن يعلم خلافه ويحصل اليقين - ونحو ذلك - فإن في هذه المقامات لا عبرة بالبينة، لأنه ليس يعلم، والدليل قد قيد في المقام باعتبار العلم.
والوجه في ذلك: أن البينة لو فرض لها دليل عام على حجيتها لعارضه ما دل على اعتبار العلم في ذلك بالعموم والخصوص من وجه، فإن دليل البينة قاض باعتبارها سواء كان هناك اعتبر العلم أم لا، ودليل اعتبار العلم قضى بعدم تعلق الحكم بدونه سواء كان هناك بينة أم لا، ومتى ما وقع التعارض، فإما أن يكون الترجيح لدليل اعتبار العلم لنصوصيته وموافقته للأصل والعمومات من الكتاب والسنة، أو يتكافئان ويتساويان فلا تثبت حجية البينة أيضا. وأما في مقام لم يعتبر فيه العلم بدليل خاص، فليس هناك ما يعارض دليل البينة إلا عموم ما دل على النهي عما وراء العلم من كتاب أو سنة، ودليل البينة أخص منه مطلقا، لعموم النواهي للموضوعات والأحكام، واختصاص البينة بالأولى.
مضافا إلى عدم وجود دليل عام للبينة بحيث يشمل صورة اعتبار العلم بالخصوص أيضا. والمتيقن من فتاوى الأصحاب ومن الاستقراء أيضا، إنما هو صورة عدم اشتراط العلم بالخصوص فيقتصر عليها.
فلابد حينئذ في كل مقام من تتبع الدليل الدال على حكم ذلك الموضوع، فإن كان بلفظ مطلق منصرف إلى الواقع فتكون البينة حجة فيه، وإن كان مشروطا بالعلم فلا تكون حجة فيه. ولعل عدم اعتبار بعض المتأخرين (1) البينة في باب