الاشتراك في التكليف لا تثبت عموم اللفظ، والتوزيع مبني على الاستفادة من ظاهر الآية.
فلا يقال: إن ثبوت حجيته للمخاطبين يوجب اشتراط (1) الكل، فينحل إلى عموم في المخاطب حكما، لأن الاشتراك في التكليف فرع تنقيح الحكم من الخبر حتى يتسرى إلى الغير، لا إدخال الغير أولا ثم فهم الخبر، ولا ريب أن هذا الخبر من دون عموم في ضمير الخطاب لا يدل على التوزيع، ولا وجه لحمله عليه، فبقي الكلام في إرادة الاستغراق.
فنقول: لو كان المراد: أن كل مؤمن إذا شهد عندك فاقبل، فلا نسلم كون ذلك مفيدا لقبول شهادة المجموع، بل الظاهر أنه يدل على قبول شهادة كل فرد، لأن قوله: (إذا شهد عندك كل مؤمن) بمنزلة قوله (2): (كل مؤمن إذا شهد عندك) فتدبر.
ولو سلم دلالته على اعتبار شهادة الجميع، فنقول: إن ذلك غير مراد قطعا، لعدم إمكان شهادة الكل في شئ عادة، فإما أن ينزل على الجنس المفرد، فيدل على حجية الواحد أيضا. وإما أن يراد به جنس الجمع، فيكون دالا على حجية الثلاثة وما زاد. وإما أن ينزل على الاستغراق العرفي، فيكون دالا على حجية الشياع المعتمد به والاستفاضة والمتواتر (3) ونحو ذلك. فعلى تقدير إرادة الاستغراق العرفي يسقط عن الحجية لو استلزم ذلك ثبوت التواتر.
ولكن يمكن أن يقال: إن الاستغراق العرفي غير ملازم لحصول التواتر، وهما مفهومان بينهما عموم من وجه، فيدل على حجية الاستغراق وإن لم يبلغ حد التواتر، ويثبت بذلك حجية البينة، لأن كل من قال بحجية ما سوى العلم اعتبر البينة. وبعبارة أخرى: متى ما لم يعتبر التواتر فلا قائل باعتبار ما زاد على البينة، ولو أريد به جنس الجمع فالدلالة على المدعى بضميمة عدم القول بالفصل واضحة، ولو أريد به التوزيع أو جنس المفرد دل على حجية البينة أيضا من دون