بالغير على الظاهر وما كان متعلقا بنفس الإنسان يسمى إقرارا بل الظاهر أن الإقرار على النفس أيضا إخبار عن علم ويسمى شهادة، كما يدل عليه قوله تعالى:
كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم (1) وهذه الآية تدل على حجية الإقرار، وقد تمسك به بعضهم (2) أيضا وذكره في آيات الأحكام في باب الإقرار. والحاصل: أن مقتضى اللغة والعرف - كما يأتي مفصلا - أن الشهادة هي الأخبار عما اطلع عليه الشاهد وعلمه، وحذف المتعلق في الخبر علامة العموم، فيصير المعنى: إذا أخبركم المؤمنون عما اطلعوا عليه فاقبلوا في أي باب كان، وهو المدعى.
ولو قيل: إن ظاهر الخبر قبول شهادة المؤمن مطلقا وأين ذلك من البينة؟
قلنا: إن العدالة تثبت شرطيتها بالإجماع.
ولو قيل: إن (المؤمنون) (3) جمع محلى باللام وظاهره الاستغراق، فيصير المعنى: إذا شهد عندكم كل فرد من أفراد المؤمن فاقبلوا، وهذا يصير في حد الضرورة والتواتر فلا بحث فيه. وإن أريد فيه التوزيع - بمعنى كون كل من المؤمنين شاهدا لواحد من المخاطبين في مقام من المقامات - فيدل على حجية الواحد أيضا، ويكون من جملة الأدلة الدالة على حجية خبر العدل الواحد، ويأتي الكلام فيه وهو خارج عن البحث.
قلنا: لا ريب أن إرادة التوزيع خلاف ظاهر سياق الخبر، والتوزيع غالبا إنما يصار إليه في مقام تقابل الاستغراقين، كقوله تعالى: الرجال قوامون على النساء (4) ونحو ذلك، وأما مثل هذا الخبر فلا توزيع فيه، لأن ضمير جمع الخطاب وما في معناه ليس من أدوات الاستغراق، بل هو تابع للمستعمل فيه بالعموم والخصوص، ولا ريب في عدم حضور كل مكلف عند الخطاب، وأدلة