فإن قلت: فلازم كلامك أن تقول بالبطلان لو قال الغاصب: (بعتك على أن يكون ثمنه ملكا لي) أو قال دافع المبيع من ماله: (بعتك على أن يكون الثمن منتقلا إلى زيد).
قلت: نعم، نقول بالبطلان حيث قصد ما هو خلاف قاعدة المعاوضة ونص عليه في ضمن العقد، لأنه حينئذ كالشرط الفاسد، بل هو من أفراده، وليس في كلام المحقق الثاني وغيره ما يشمل هذه الصورة، فتدبر.
ورابعها: أن نجيب في الغاصب بأحد الطرق السابقة، وأما في دافع ماله ثمنا أو مثمنا نمنع عدم وقوع العوض للمقصود - كما زعمه المحقق الثاني - بل ندعي أنه ينتقل العوض الآخر إلى من قصده المالك دون من ملك العوض المقابل، فلا ينافي ما ذكرناه من قاعدة التبعية للقصد.
وأما قاعدة المعاوضة - المشار إليها في كلامه - فيمكن التفصي عنها بأن مقامنا غير مناف لها، فإن قصد المالك دفع الثمن على أن يكون المبيع لزيد ينحل إلى أحد أمرين:
إما على كون هذا الثمن قرضا لزيد فيملكه زيد، وإما هبة بالنسبة إليه فيملكه مجانا، غايته أن يكون المالك موجبا قابلا من طرفه، وينحل قوله: (اشتريت بهذا المال الفرس لزيد) إلى قوله: أقرضت، أو وهبت هذا المال لزيد فصار ملكا له وقبلت من جانبه ثم اشتريت به فرسا له، فيصير من باب العقد الضمني في قولهم:
(أعتق عبدك عني) ونظائر ذلك وإن كان مخالفا للقاعدة، فتدبر.
وخامسها أن نقول: إن عقود المعاوضات ليس الركن فيها إلا العوضان والإيجابان والمتعاقدان، والمراد بالمتعاقدين: من صدر منه الإيجاب والقبول، سواء كانا مالكين أم وكيلين أو وليين أو فضوليين أو غاصبين أو ملفقين، والمعتبر قصدهما بالعقدية والتخاطب، مع قصد المعاوضة بالعوضين المعهودين في كل باب بسببية الإيجابين، وأما أن هذه المعاوضة ممن تصير؟ وأن مالك هذا العوض