الثمنين، وإلا لزم على المشتري دفعهما معا مع أنه ليس كذلك، وليس الغرض واحدا معينا، فلزم فيه الغرر، لعدم العلم بما يحصل في إزاء المبيع وهو الخطر، وليس ذلك إلا كالبيع بعشرة دراهم أو دينار، ويجئ فيه أيضا الوجه السابق: من أن التمليك يحتاج إلى محل معين كلي أو جزئي، وهو هنا منتف، فلم يؤثر العقد في تمليك شئ، أصلا، ولازمه البطلان. ولكن في الإجارة ليس كذلك، فإنهما عملان مستقلان جعل بإزائهما أجرتان، وكلاهما مورد للإجارة.
فنقول: أن الغرض (1) الاستئجار بكل من العملين بكل من الأجرتين فيكون (2) إجارتين مستقلتين، وليس هنا فرد مردد حتى لا يكون قابلا للإجارة، إذ المقصود: كل منهما، لا أحدهما، ولا يلزم غررا أيضا، إذ المعلوم من ذلك تمليك كلتا المنفعتين بكلتا الأجرتين، غاية ما في الباب: أن بإتيان أحد العملين تبطل الإجارة على الاخر لفوات المحل، لعدم إمكان خياطتين لثوب واحد، ونحو ذلك.
وبعبارة أخرى: قصد كل منهما وإن فات أحدهما بعد إتيان الاخر لفوات المحل.
ولا يرد هذا البحث في بيع شيئين بثمنين كما لو قال: (بعتك الفرس بدرهم أو السيف بدينار) فإنه غير جائز، لأنه إن قصد كلا منهما فلابد من وقوعهما وحصولهما لعدم منع الجمع، فلا بد من إرادة أحدهما، ولازمه البلان.
وبالجملة: فوات أحدهما في الإجارة ليس من قصد المتعاقدين، بل للتعذر الخارجي بحيث لو فرض الإتيان بكلا العملين لاستحق الأجرتين بمقتضى الإجارة، لكن ذلك في الخارج غير ممكن، لا أن الإجارة تعلقت بواحد لا بعينه.
وهذا وجه مليح وإن لم يتعرض له أحد من الأصحاب فيما أعلم، والله العالم بالحقائق.
وهنا أبحاث اخر أعرضنا عنها اشتغالا بالأهم، واتكالا على تنبه الفقيه المتدرب في الفن، فتدبر.