قلت: لو كان المراد كلي الحنطة الموصوفة لجاز أخذ نصف من هذا الفرد ونصف من ذلك الفرد حتى يصير صاعا من هذين الصاعين، مع أنه في الفرض غير مراد فإن صاعا من صاعين مقسومين لا يمكن إلا بدفع ذلك أو هذا، ولو لم يكن لخصوصية المقسومين مدخلية وكان المراد صاعا من هذا المجموع جاز أخذ بعض من هذا وبعض من ذلك، فيرجع (1) إلى بيع الكلي دون الفرد المردد، وهو غير الفرض.
والفرق بين الكلي المتأصل في الوجود والكلي الاعتباري: أن الأول متحقق في الخارج ثابت في نفس الأمر وإن لم يلاحظه ملاحظ ولم يعتبره معتبر، بخلاف الفرضي، فإنه يدور مدار الاعتبار للمعتبر، فتدبر.
وبالجملة: أحد الأمرين ليس كليا مقررا حتى يتعلق به التمليك، والكلي المتأصل الحاصل في ضمنهما غير مراد - كما قررناه - فيرجع الحاصل إلى مدخلية الفرد في ذلك، بمعنى: كون المطلوب إحدى الخصوصيتين، ولا ريب أن المعاملة حينئذ لا تقع (2) على شئ معين يحصل تمليكه من حين المعاملة، لأن مفهوم (أحدهما) غير قابل للملك، لعدم تأصله، والكلي المتأصل غير مقصود، والخصوصية مرددة، فلم يحصل للمشتري ملك شئ بهذه المعاملة، مع أن الإنشاء لابد من تأثيره من حين العقد. ولا يحتاج في جواز المعاملة على الكليات دون الفرد المردد إلى فارق من نص أو إجماع، بل كلاهما جاريان على القاعدة.
وهذا هو الوجه في عدم الجواز في الفرد المردد في أي باب كان، حتى في العقود التي لا بأس فيها بالغرر والجهالة كالصلح، فإنه يجوز على المجهول ولا يجوز على الفرد المردد بلا كلام، ولو كان ذلك للجهالة لجاز في الصلح.
وبالجملة: هذا الوجه في عدم جواز المعاملة على الفرد المردد - مثليا كان أو قيميا - جار في جميع الأبواب، ويرجع ذلك إلى فرع من فروع ضبط متعلقات