كلا منهما معلوم الحصول لكنه مجهول الصفة - فليس هذا من باب الغرر، بل هو جهالة، فيصير (1) باب بيع المجهول مندرجا تحت عنوان آخر، ويثبت بطلانه باشتراط العلم المجمع عليه في عقود المغابنة، ويبقى تحت دليل الغرر ما لا يوثق بوجوده وحصوله، ولكنه أيضا قسمان، أحدهما: ما لا يوثق بوجوده في الخارج، كالمبالغة في وصف المبيع في السلم ونحوه بما يؤدي إلى عزة الوجود بحيث لا يوثق بوجوده في الخارج. وثانيهما: ما يعلم وجوده ووصفه، ولكن لا يوثق بإمكان قبضه عادة، كالطير في الهواء مع عدم اعتياد العود، والسمك في الماء، كما مثلوا به في باب القدرة على التسليم.
فإن كان مراد الشهيد رحمه الله من قوله: (ما جهل حصوله) الجهل بأصل الوجود فيشمل (2) القسم الأول دون الثاني، لأنه معلوم الوجود كالقسم الثالث الذي عبر عنه بالمجهول، فيكون الغرر منحصرا في أحد الأقسام الثلاثة.
وإن كان مراده جهل الحصول في يد المشتري ونحوه، فيعم الأمرين، لأن الجهل بحصوله في اليد أعم من كون ذلك بسبب الجهل بأصل الوجود أو بسبب العلم بالوجود والجهل بإمكان القبض، فيصير الخارج عن الغرر هو المجهول بحسب الأوصاف فقط.
وعلى كل حال، فظاهر كلامه عدم عموم الغرر للصور كلها، وليس كذلك، بل الظاهر من العرف واللغة أن الغرر يعم الجميع، وكل ما فيه جهالة ففيه غرر وخطر على الظاهر، ولا وجه لدعوى العموم من وجه. نعم، على ما ذكره من الوجه يصير (3) المجهول المعلوم الحصول خارجا عن الغرر، والمعلوم المجهول الحصول خارجا عن المجهول، والمجهول المجهول الحصول مورد اجتماع الأمرين.
وقد سبقنا إلى هذا الاعتراض في الجملة بعض المدققين (4) ولكن الإشكال